للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنبوب، وكان إلى جانبه نار موقدة فحالت العناية دون انثقابه. ولما أعجزتها حوائط الصندوق أخذت تدفع سقفه حتى انفتح ففرّت منه. وأرادت ربه الدار أن تتلَفن إلى زوجها ولكن ميمي كانت قد عمدت إلى التلفون فانتزعت أسلاكه، وجاءت إلى سيدتها تحتضنها اغتباطاً وشكراً على انفكاكها. وذهبت إلى المطبخ فوجدت الخادم تغسل الصحون فأرادت عونها وتنقلت بينها برفق غريب فلم ينكسر منها شيء. وكان التليفون أثناء ذلك قد أُصلح فجاء رب البيت أمين المتحف على عجل فخطب رضاء ميمي وأطعمها ألواناً مستطاتبة رضيت بعدها ان تنفاد وتتقيد بعد انطلاق وكان لرب الدار أطفال، وكانت لهم درَاجات من ذات العجلات الثلاث يركبونها في ساحة البيت، فكانت ميمي تركب مع أحدهم وتمسك الدرّاجة فتوجهها يمنة ويسرة. وأرادت أن تركب الدراجة وحدها ولكن قصرت رجلاها عن بلوغ مواطئ الأقدام منها، فاشترى لها رب الدار دراجة على قدّها وأجلسها عليها فأمسكت مقابضها بيديها وأمسكت كذلك مواطئها برجليها، وهما كاليدين يقبضان على الأشياء، ولكنها لم تدر في بادئ الأمر كيف تدفع الدراجة بضغط موطئ واحد دون الآخر في الآن الواحد، ولكنها بالمران اليسير عرفت ذلك. وكانت تنسى فترفع قدميها إلى المقبضين فكان لابد من ربطهما إلى الموطئين، ولكنها عافت ذلك فكانت تهوى باليد اليهما لتحل الرباط فيصيح بهارب الدار عاتبا فتقلع. وأراد أن يعوّدها الاستقامة في السير، فكان يحمل في يده خوخة أو عنبة أو طعاماً تراه مختارا ويقف به بعيداً ثم يلّوح لها به وهي على الدراجة، فكانت في بادئ الأمر تنزل عنها فيعتب عليها فتعود إلى الركوب، وكان همّها أن تصل إلى الفاكهة من أقرب طريق فاستقام سيرها وكذلك طال. وأراد أن يعلمها كيف تنعطف فكان يلّوح لها بالثمرة حتى إذا قاربته انزاح يميناً فتمر بدراجتها في استقامة إلى جانبه فلا تنال الثمرة فتصرخ وتدمدم لهذا الخداع، ولم تفطن إلى تحريك المقابض إلى اليمين. فأتى بابنه يحركهما لها فعرفت ذلك، وحرصت على القوت الشهي المغري فتعلمت كيف تيمل

وكانت أحياناً يفوتها أن تنعطف فتصل بدراجتها إلى مأزق كحائط أو ركن فتمد رجلها تدفع الحائط فتبعد عنها قليلاً، ثم تُسيّر الدراجة إلى الأمام وهي تنعطف حتى تصل إلى موضع أخلص من الحائط، فتدفعها مرة أخرى فتبعد عنها وهكذا حتى تخلص من المأزق تماماً وقد نفذ صبرها. ولكنها تعلمت أن تنزل عن الدراجة فتحملها إلى الخلاص، فكانت تفعل ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>