عليه وسلم ليخف عنهم الأذى ويزول عنهم الألم، تحلقوا حوله في خشوع وصمت يستمعون إلى آيات القرآن الكريم التي يوحي الله إليه بها، ويصغون إلى مواعظه فتمتلئ أفئدتهم برداً وسلاماً وإيماناً ويقيناً، وتفيض نفوسهم شجاعة وعزماً، فيشعر كل واحد منهم أن في استطاعته أن يقاتل ألفا من المشركين وان يدحرهم ويردهم على أعقابهم خاسرين
جلس إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم فتى في ربيع حياته، كانت له دالة كبيرة عليه حتى إنه كان يدعو نفسه زيد بن محمد؛ لقّب نفسه بذلك حين أخرجه رسول الله إلى الحجر وقال: اشهدوا أن زيد بن حارثة ابني يرثني وأرثه وكان أول من أسلم من الموالي، وجلس إلى جانبه رجل ربعة حسن الوجه رقيق البشرة، عظيم اللحية، بعيد ما بين المنكبين، وضئ، أبيض مشرب بصفرة، جعد الشعر، ذو جمّة عند أسفل أذنيه، جذل الساقين، طويل الذراعين؛ ذلك هو عثمان بن عفان ذو النورين الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي رفيق، ورفيقي في الجنة عثمان. وجلس إلى جانبه طفل صغير لا يتجاوز العاشرة من عمره هو الزبير بن العوّام حواري رسول الله وابن عمته صفية بنت عبد المطلب علقه عمه في حصير ودخّن عليه ليعود إلى الكفر فقال: لا أكفر أبدا، وظل متمسكا بدينه يحرص عليه حرصه على روحه. وجلس إلى جانبه رجل طويل القامة أبيض مشرب بحمرة، حسن الوجه، رقيق البشرة، أهدب الأشفار، أقنى الانف، طويل النابين الأعليين، ضخم المنكبين، غليظ الأصابع هو عبد الرحمن بن عوف. والى جانبه شاب في العشرين من عمره نشيط قوي حديد النظرات مفتول الساعدين هو سعد بن أبي وقاص. وجلس في الناحية المقابلة رجل مربوع إلى القصر، أبيض يضرب إلى الحمرة، ضخم القدمين، رحب الصدر آدم كثير الشعر ليس بالجعد ولا بالبسط هو طلحة ابن عبيد الله الذي أسلم على يدي أبي بكر. والى جانبه رجل نحيف، معروق الوجه، خفيف اللحية، يبدو عليه الخشوع والتذلل هو عامر بن عبد الله بن الجراح أمين هذه الأمة. والى جانبه أخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاع هو عبد الله بن عبد الأسد الذي يكنى أبا سلمة. ولقد أسلم عثمان والزبير وعبد الرحمن وسعد وطلحة على يد أبي بكر الذي كان يجلس إلى يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ملتفعاً بعباءته متوجها بقلبه وجسمه إلى إخوانه المسلمين يؤنسهم ويكبر فيهم الثبات على الحق