للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والله ما ذقنا العذاب إلا تحت لوائه؟

أخرجنا من بيوتنا بيثرب، وهاهو ذا جاء يخرب قريتنا!!

فلمحه الإمام يتكلم بصوت خفيض، فقال له:

- ماذا تقول يا عدو الله؟!

قال حيي: وماذا تريدون منا - معشر المسلمين - ألم يكفكم أن أخرجتمونا من ديارنا وأموالنا؟ فجئنا وحططنا رحلنا بهذه القرية، فما كدنا نستنبت ريشنا بعد أن قصصتم أجنحتنا حتى جئتم إلينا بخيلكم ورجلكم، فإلى أي أرض نهرب من شركم؟!

قال علي: ألست يا عدو الله الذي جمعت علينا الأحزاب من كل فج، فصرنا في أضيق من كفة الحابل، ولم تكتف بذلك حتى هجت قريظة فنبذوا إلينا عهدنا في ساعة العسرة فوقفنا بين شقي الرحى. وحسبت أنك بذلك قضيت علينا، ولكن الله ربنا مشتت شملكم، وكتب على أيدينا قتلكم

قال حيي: إنكم لن تصلوا إلينا، فأنتم في الأرض ونحن في السماء، إن سهمكم لن يخرق حجراً، وخيلكم لن تكون طيراً. فامكثوا ما شئتم وإن لنا في كنوزنا وخيراتنا لسعة

قال علي: أتحسب أن حصونكم ما نعتكم؟! إن الذي دك الجبل تحت أقدام موسى هو الذي يخسف بها الأرض. فنلتقي على سواء وكأني بكم يا بني النضير بعد ليال، فطاحت رؤوسكم، وأصبحتم طعمة للطير والسباع فأسلموا تسلموا

قال حيي: لن يأخذ منا وعيدكم شيئا

قال علي: وأنتم لا تعجزون لله، يا خيل الله اركبي!!

واستمر المسلمون أياماً يحاصرونهم، فلما أجهدوهم نزل اليهود إليهم يبارزونهم، فدارت الدائرة عليهم فأسرت رجالهم، وسبيت نساؤهم وذرياتهم

قال علي لحيي وهو مقدم للقتل: أأغنى عنك حصنك شيئا؟ لولا أويت إلى ركن شديد!

قال: وما هو؟

قال: ربك الذي نسيت، ودينه الذي أنزل! ونبيه الذي أرسل!

قال: خذ رأسي إن كانت لك به حاجة

قال: أجل، إن السيف ليضحك حينما يحز رقاب أعداء الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>