إذا صح أن المسرح المصري فقد في إمساك تيمور عن احتراف التمثيل ممثلاً قديراً كان في وسعه أن يرقى بفن الممثل إلى الدرج المرغوب فيه، إذا صح هذا فإن المسرح لم يفقد في تيمور ناقداً له ومؤرخاً لعصر من عصوره
إن ما كتبه تيمور ناقداً ومؤرخاً للمسرح المصري متفرد في بابه بالدقة والصراحة، متفرد في ابتعاده عن التشيع وتلمس العيوب وحرق المباخر تحت ذقون زعماء المسرح المصري
كان تيمور لا يكتب لشهوة الكلام، أو للتظاهر بأنه حذق المسرح وفنونه، ولا لأي غرض من الأغراض التي تدفع بعض نقاد المسرح إلى امتشاق القلم وخوض معارك الجدل، وإنما كان يكتب لينزل الأشياء منازلها الصحيحة، وليخط للنقد المسرحي طريقاً، وليقيم له عرفاً، وليذيع اسم المسرح في كل مكان، ثم ليرسم للعاملين في المسرح الطرق والوسائل التي ترقى بهم وبفنهم نحو الكمال المنشود. ولعل تيمور أول من كتب منادياً بوجوب استقلال المسرح المصري عن المسرح الغربي برواياته وتصانيفه، وبوسائل تأدية ممثليه
لو قال تيمور هذا وسكت لقلنا إنه إنما يزف نظريات استلهمها من تاريخ المسرح الغربي وتطوره، وهو المسرح الذي نهل منه تيمور أعذب الموارد
تيمور المؤلف
ولكن تيمور قرن القول بالعمل والنظر بالتنفيذ، فألف للمسرح مسرحيات تمتاز بطابع مصري أصيل، هذبت حواشيه وصقلت صميمه مطالعات بعيدة وتأملات واسعة في نفائس الأدب المسرحي العام، امتزجت بوفرة الاستعداد وخصب الموهبة وروح الشاعر
كتب تيمور ثلاث مسرحيات (العصفور في القفص)، و (عبد الستار) و (الهاوية) كما وضع مسرحية (العشرة الطيبة)، والجديد في هذه الروايات أنها عالجت موضوعات منتزعة من صميم الحياة المصرية والشرقية في أسلوب أخذ نصيبه الوافر من طرافة الحوار، ووضوح الفكرة، وتغلغل هابطاً في أعماق النفس البشرية ليسجل منها أصدق الخلجات وأخلص المشاعر