كنت حتى اللحظة أشعر نحوك بشيء لا أدري ماذا أسميه؟ أشعر بشيء شبيه بالرحمة والعطف، ولكني منذ سمعت صوت الورقة وهي تقع في مظلتي نفرت منك نفوراً شديداً.
لقد شعرت بحس قوي يدفعني إلى أن أفتح مظلتي وأرمي تلك الورقة في الأرض، ولكني لا أدري لماذا لم أنفذ هذا العزم؟ لقد تغلب علي حب الاطلاع، وأردت أن أعلم ما الذي كتبته لي في كتابك. هل قدرت عظم ذنبك وأنت ترمي ورقتك في مظلتي؟ هل قدرت حرج موقفي في تلك الدقيقة؟ وهل قدرت أنها جناية غير قابلة للغفران؟
إن ما يشع في عينيك من النجابة ومااا يقرأ فيهما من آثار العفة يشهد بانك كنت تحت تأثير غفلة خضعت لها عن غير ارادة منك.
حينما بلغت البيت ذهبت توا إلى غرفتي وفتحت رسالتك فلم فيها ولا كلمة واحدة تثقل على سمع فتاة مثلي.
فرأيي السابق فيك كان صحيحاً. لقد أثبت لي ذلك كتابك ذو الصحائف الأربع الذي لا يحتوي على معنى تفيده جملة مركبة من أربع كلمات، فما الغاية إذن من كتابته اليّ؟ هل أظهرت لك رغبتي في الاطلاع على أنك لست سعيداً في حياتك؟ وهل طلبت منك ان تكتب اليّ ذلك في صحائف أربع؟ قرأت كتاتبك المرة تلو المرة ولم أفهم له غاية. فقلت في نفسي: إنه يعلن لي حبهن ولكن زوجته؟. . . أولاده؟. . .
في مساء أحد الأيام كان الأولاد يلعبون أمام الدار، فشاهدت ابنتك الصغيرة ذات الوجه الجميل والشعر الاشقر المحيط بوجهها احاطة الهالة بالقمر تصفق طرباً وتصيح: هاهوذا والدي قد جاء وتركض نحوك، فاذا أنت تقطب حاجبيك وتأمرها بالابتعاد عنك، وترفع عينيك نحو نافذتي، فعادت الصغيرة كئيبة حزينة، لا يقدر يراعى أن يصف لك نفوري منك وكرهي لك في تلك الدقيقة، اذن أنت في شغل بي حتى عن أولادك فأنت تنظر اليهم بقسوة وتعاملهم معاملة سيئة؟ إن حالتك هذه كافية لتشرح لي الآلام التي سببتها لتلك الاسرة التي أنت ربها.
قلت في نفسي مادمت سبباً في نفوره من زوجته وأولاده فالواجب ان تقف هذه المسألة عند هذا الحد. أخذت كتابك حينذاك وقرأته في انعام مرة أخرى، فخطر ببالي ان ارسله إلى زوجتك، ولكني عدلت وانقلب ذلك النفور الذي كنت أشعر به منذ لحظة إلى رحمة من