وفي صباح اليوم الثاني بينما انا خارجة من البيت، ولم أكن اسدلت النقاب على وجهي شاهدتك تنزل مسرعاً من الدرج فالتقت العين بالعين، خانتك قواك عند ذلك، ولولا استنادك إلى الجدار لوقعت على الأرض لا محالة. فشعرت أن مهمتي تجاه هذه الحال شاقة جداً وانه يجب ان اشفق عليك وعلى زوجك وأولادك لا أن احقد عليك.
أعترف لك انك بارع جداً في ارسال الرسائل، اني بعد أن قرأت رسالتك الأخيرة التي وجدتها بين زجاج نافذتي وبين القفص الخشبي، تلك الرسالة التي حتى الآن لم اكتشف كيفية وصولها اليّ ولم اعلم بأية وطريقة وضعت، شعرت بأن دافعاً اهم من السابق يدفعني للكتابة اليك، لا لأجلك بل لأجل تخليص زوجك من مصيبة محتملة الوقوع، ولمنع هذه الاضحوكة من ان تتحول إلى فاجعة كبرى.
في كتابك هذا تبحث عني وتعلمني أن مصادفتك لي كانت سبباً في شقائك، وانك تحبني حباً بغير امل، واني كدرت حلو معيشتكم وأنك حتى الآن كنت سعيداً بحياتك مع زوجك وأولادك، وأن حبك لي حول نعيم حياتك في البيت إلى جحيم، وأنك ستكون ضحية هذه الصدفة، إلى آخر ما في كتابك من كلمات. . . .
اني واثقة كل الثقة من أنك الآن خجل بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى لكتابتك هذه الجمل وهذه العبارات تصور أنك ستترك زوجك أرملة، وأولادك يتامى من أجل ابتسامة من فتاة غرة، وفي هذا منتهى الغرابة. . . .
أيقنت الآن اني سأكون سبب فاجعة كبرى، فالواجب يقضي عليّ أن أقف امام تلك الكارثة، وهو الذي اضطرني أن التجئ إلى هذه الوسيلة وهي الكتابة اليك، انت تعلم يقيناً انها جرأة من فتاة مثلي، ولكن. . . ولكن الوجدان. . . .
تبحث أيضاً في كتابك عن اشياء كثيرة كلها متقاربة وتقول ان حبك لي جعل بينك وبين زوجك واولادك فراغاً لا يسده شيء؛ وانك الآن بعيد عنهم بعد الارض عن السماء، وان كان جسمك قريباً منهم متصلاً بهم، وانك حاضر الجسم بينهم لكنك غائب القلب والعقل عنهم؛ وان كل ذلك سيكون سبباً لفرارك من هذه الحياة التي أصبحت في نظرك جحيما.
أنا اعلم انك تبحث لي عن هذه الأشياء كلها، ولست أعلم لذلك سبباً، وإذا كان الأمر كما