إن حياتك في هذين الشهرين الأخيرين تمر من أمامي كما تمر الصور على اللوحة الفضية امام الجمهور النظارة فامتع النظر بها فأرى ان الشقاء في حياتك سرى إلى حياتي ايضاً، وتلونت حياتي بلون حياتكم الأسود، لقد كنت سعيدة أنا أيضاً حتى قبل شهرين من الزمن، لقد كنت مرحة مرح الصبا والشباب، وليتك تعلم مقدار حزني وألمي وبؤسي، لأنني كنت سبباً في شقائكم اذن انا من حيث لا ادري ولا أشعر كدرت صفو حياتكم، وبدلت سرورها شقاء، وقلبت نعيمها إلى جحيم، وصفاءها إلى كدر وبهجتها إلى عبوس. آه ما اتعسك ايتها الزوجة؟ ليت شعري كم من الدموع ذرفت، ومن الزفرات صعدت بسببي؟. . .
اسائل نفسي عن الاسباب التي اضطرتك إلى المجيء هنا، وساقتك إلى السكنى في هذا المصيف؛ فتقول لي ربما كان سبب ذلك ان هذه الزوجة مصابة بفقر دم، او أحد الأطفال مبتلى بمرض ثقيل، فاضطر ذلك الاسرة كلها إلى نزول هذا المكان طلباً للعافية وتخلصاً من الاسقام، فاذا كان الأمر كذلك فقد حضرتم هذا المكان في طلب الصحة والعافية ففقدتم معهما السعادة العائلية، نعم ويا للاسف ان قطرة من السم وقعت صدفة واتفاقاً في حياتكم السعيدة فسممتها وجعلتها جحيما. . .
اتمتلك في بيتك مطرقاً حزيناً غريقاً في بحر الافكار تسألك زوجتك (ما بك أيها الرفيق؟ وبماذا تفكر؟) فلا تجيبها بل تبقى في حزنك واكتئابك، ثم تتبرم من كثرة الاسئلة وتؤلم زوجتك ببضع كلمات فيكسر قلبها وتبكي تلك الليلة في فراشها بكاء مراً، تبكي بصوت خافت خشية ان تسمعها، ولكنك تشعر بذلك وتشفق عليها، فتقبلها تنسيها كل ما بها من الم وهم وتذهلها عن كلما كان.
ولكن بعد ذلك يعود اليك ضجرك وحزنك، فتعامل زوجك وأولادك بقسوة وخشونة ما كنت تعاملهم بهما من قبل.
ويخطر ببالي أشياء اخرى يقشعر بدني لهولها وسوء أثرها في زوجك واولادك، إذا كان الامر كذلك فالفرار الفرار مني. . .
أنتم أتيتم إلى هذا المصيف لتجدوا فيه الصحة والسعادة، ولكنكم لم تجدوا غير العلة والشقاء، فالفرار الفرار من هنا. . .