ينصب شراكه في مكان غير ملائم، إذ كان يعرف كيف يجتذب العملاء ويغري الزائرين على الابتياع منه.
وكانت أسرته تتكون من ابنين. . . أنا وأرتورو، وقد كنا توأمين متشابهين كل الشبه. غير أن أرتورو كان ذا روح مغامرة، حببت إليه البحر، فما لبث أن غدا بحاراً، بينما مارست أنا - وكنت أكبره بخمس عشرة دقيقة - تجارة العاديات، فصرت مساعداً لأبي
كانت المهنة - رغم أنها تتطلب دراية تامة بالأشياء وبنفسيات الأشخاص - تعتمد كل الاعتماد على الخبرة التامة بتقدير ثمن السلعة والتأكد من أنها حقيقية غير زائفة، وقد كانت لوالدي هذه الخبرة بالسليقة، إذ أنحدر من سلالة تعشقت هذا الفن، هواية أو احترافا. . . كما كانت لي نفس الخبرة إلى حد ما، فقد كانت إيطاليا القديمة تتمشى في دماء والدي، كما كانت تسري في عروقي بكل ما كان فيها، وبكل ما كانت تتميز به، و. . . بكل ما عرف عنها من عواطف ومن حقد وكراهية. . .
وسارت الحياة سهلة لينة، حتى بلغت العشرين ربيعاً، وإذ ذاك جاء يوم تغيرت فيه حياتي
ففي ذات يوم، قابلت في طريق (دي بونتمبن) فتاة كثيراً ما صادفتها من قبل، وطالما تلاقيت وإياها في بعض المناسبات، إذ كانت تصلها بي قرابة بعيدة. وكانت تسكن في ذلك الميدان الذي يطلق عليه الآن اسم (فيكتور عمانويل). . . ثم كانت تنحدر من أسرة نشأت في جنوا. فأضفى عليها أصلها هذا، جمالاً أشقر رائعاً، تبدى لي في ذلك اليوم في أبهى روعته. . . فقد تمثلت لي يومذاك، فتنة الشباب، وجمال الربيع، في (جيوفانا باتسيتا)، ولاحت لي، مع أنني كنت أعرفها - كما ذكرت - وكأنني لم أرها قبل ذاك اليوم. . .
وبالرغم من أنني كنت أحس جمالها. . . إلا أنه لم يبعث في نفسي يوماً أكثر من إعجاب وقتي، لا يلبث أن يتلاشى. . . أما في ذلك اليوم، فقد لاح لي أكثر فتنة وسحراً. . . فما هي إلا نظرة من عينيها حتى وقعت في شراكها. . .
وحتى هذه اللحظة، لم يبد لي الأمر جدياً يثير اهتمامي، فلو أنني سمعت إذ ذاك نبأ موتها، لما نال مني كثيراً. . .!
لم أقل لها إذ ذاك شيئاً، ولم أنبس ببنت شفة، بل مضيت في سبيلي، كشخص عثر بغتةً على كنز في طريقه، فأسرع يخبئه في ثنايا ردائه، وانطلق بجد في خطاه نحو بيته. . .