كانت ثروتي وفيرة لا بأس بها، وكانت أخلاقي حميدة لا عيب فيها، فلم أجد معارضة من والدي جيوفانا عندما تقدمت لطلب يدها. وصار لنا أن نلتقي كل مساء، فننعم بجولة بديعة خارج المدينة، عند الكروم الغناء. . . ملتقى العاشقين. . .
وقررنا أن يكون الزواج في الصيف. . .
ثم حان عيد (الكرنفال)
كان (الكرنفال) في تلك الأيام الخوالي أكثر مرحاً وبهجة منه الآن. فكان الناس يطرحون عنهم شؤونهم، وينصرفون عن كل شيء، ليندمجوا في ملاهيه وأفراحه
وفي آخر ليالي (الكرنفال) كنت على موعد مع جيوفانا عند بقعة قريبة من (دومو)، وقد حلا لها أن تتنكر في رداء غانية أسبانية، بينما اخترت أنا للباسي حلة مزركشة وقناعاً قرمزياً. ولما كانت صحة والدي معتلة فقد لزم البيت طيلة اليوم بعد أن أخبرته بالأماكن التي أعتزم ارتيادها، وبالمواقيت التي سأكون فيها هناك، حتى يكون في وسعه الاتصال بي، إذا كانت ثمة حاجة لهذا الاتصال
كان موعدي مع جيوفانا في الساعة السادسة إلا عشر دقائق عند (فونتي مادجيوري) على مقربة من (دومو). وقد يخيل إليك أنني كنت هناك قبل الموعد شأن كل عاشق مستهيم. . . بيد أنني في الواقع وصلت إلى مكان الملتقى متأخراً. إذ كان بساعة صديقي مانفريدي الذي قضيت عنده فترة الظهيرة، خلل جعلها تؤخر في الوقت. بينما تعمدت أن أترك ساعتي في البيت خشية أن يسلبنيها اللصوص الذين كانوا يندسون وسط المهرجانات في مثل هذا العيد. . . فلما وصلت إلى فونتي مادجيوري، كانت النواقيس تدق، فلم أكد أصدق سمعي، ولا بصري، عندما ترامت الدقات إلى أذني، ولم أجد جيوفانا. . .
ثم حدست ما وقع. . . فلابد أنها حضرت في الموعد، حتى إذا لم تجدني انصرفت عائدة. ولو أنني فكرت في هذا، لأدركت مدى استحالة بقاء فتاة وحيدة في الانتظار عند فونتي مادجيوري في ليلة العيد، ولأنحيت باللوم على نفسي بدلاً من أن أسمح للغضب أن يطغى فيجتاح قلبي. . .
كنت أعلم أن جيوفانا رغم ليونتها ورقتها، ذات طباع حادة قاسية. فظللت واقفاً أتلفت حولي وهذه الفكرة توحي إلي بما يذكي نيران الغضب ويزيد شعلتها لهيباً. بينما كان القوم