تحية وسلاما. وقع نظري على إعلان حجز نشر في جريدة البلاغ يوم الجمعة الماضي أو السبت الذي يليه على ما أذكر؛ فقد أردت أن أحتفظ بالعدد المنشور فيه هذا الإعلان لولا عبث أطفالي به وهم لا يأبهون بما فيه، ولكن إليك ملخصه (ولك أن تراجع أعداد البلاغ المشار إليها للتحقق منه)
(في يوم ٤ مارس سنة ١٩٤٠ سيصير بيع المنقولات الآتية وهي: حلة وأنجر (وكيلة ذرة) ملك. . . وهذا البيع بناء على طلب حضرة صاحب المعالي وزير الأوقاف وفاء لمبلغ. . قرشاً)
وكان بودي لو تعيرني قلمك لأعلق على هذا الإعلان المؤلم؛ بيد أني خشيت أن يكون في يدي قصبة لا روح فيها أو كالمهند في يد طفل ضعيف. والموضوع يحتاج إلى صرخة مدوية تهز أوتار القلوب، وأنت فارس هذا الميدان، ولنفائس يراعتك ما ينفس عن القلوب المكلومة، وفيك الرجاء في معالجة الأمر بحد القلم الذي حرك أولي الأمر في أكثر من حادثة
إن بعض القوانين تحرم الحجز على كثير من أنواع المتاع فما بالك بالحجز على القوت الضروري؟ فهل بلغ الحرص بوزارة الأوقاف على أموالها هذا المبلغ وهناك الكثيرون من أبناء الأثرياء الذين أضاعوا أموالهم على الخمر والميسر وأنواع الفجور، أصبحوا يعيشون في رغد من المرتبات التي تصرف لهم من الأوقاف من غير استحقاق أو عمل يعملونه لأنفسهم ولبلادهم، وناهيك بغير هؤلاء ممن تعرف
ومما يزيدنا تألماً أن يصدر هذا التصرف الشاذ في عهد وزير خلق وزارة الشؤون الاجتماعية لخدمة الإنسانية
فمتى نعرف البر بالفقير إذا كانت وزارة البر والإحسان تأخذ اللقمة من فم الفقير لتطعم بها أبناء الأعيان أو تؤثث بها غرف موظفيها بأنواع الأثاث الفاخر؟
يا لله. . . وزارة الأوقاف تنزع من فقير (حلة وأنجر وكيلة ذرة) وهي بالطبع كل ما يملكه من حطام الدنيا!
أين الرحمة! أين الشفقة!. . . يا للإنسان من ظلم الإنسان!