ومضى توفيق على وجهه، والشر يغري بالشر. . .!
واجتازت السفينة مضيق جبل طارق في طريقها إلى الشرق، وأسرَّ إليه صاحبه (ماجدو) حديثاً فابتسم؛ ومضت السفينة بهما تمخر عباب الماء، واجتازت الدردنيل إلى البحر الأسود، لترسى في ميناء (كوستازا) على ساحل رومانيا، بلاد الجمال والحب
وهبط توفيق وصديقه إلى البر، وراحا يضربان في المدينة ليذوقا الحب. . . الحب الذي ينتهي في الظلام، في غرفة مسدلة الستائر مغلَّقة الأبواب!
وقال ماجدو: إن في هذا المتجر يا صديقي فتيات للحب. . . لقد أخبرني صديقَّ زار (كوستازا) من قبل. . .!
ودخل الصديقان المجر وراحا ينظران، ووقف (ماجدو) يتحدث إلى بائعة المناديل وذهب توفيق إلى جارتها؛ ونظر إليها ونظرت إليه، وتحدثت عينان إلى عينين؛ وقالت الفتاة بصوت مطرب: هل يريد سيدي. . .؟
ولكن توفيق لم يكن يريد شيئاً غيرها. . .
لقد ذاق توفيق من الحب ألواناً وفنوناً، ولكنه لم ير من قبل مثل هذا الفن وهذا الجمال!
لكأنما كان ينتقل في البحار من شرق الأرض إلى غربها ليدرك موعداً واعده القدر في هذا المكان!
وإن صوتها لينفذ في أعماقه وله رجع بعيد كأنما كانت تهتف به من وراء البحار: إلي يا حبيبي إلي فأني أنتظرك منذ أزمان!
وأحس لأول مرة أنه وأنها. . . وأحست، وتواعدا على اللقاء!
والتقيا على موعدهما، وجلسا يتحدثان، وقال وقالت، وعرفت أن صاحبها مصري، فصاحت فرحانة: مصري؟ ما أجمل هذا! إن بيننا نسباً يا صديقي. إن أبي من تركيا، أعني جدِّي. إنني لست رومانية خالصة، ومع ذلك. . .
وسكتت (مارتزا) فلم تتم. لقد رأت في عيني صاحبها نظرة زعمت أنها تفهم معناها
وأحس توفيق إحساساً جديداً منذ الساعة. إنه ليشعر كأنما يتحدث إليه القدر بلسان هذه الفتاة حديثاً لا يكاد يعيه. . .
وتناول يدها بين راحتيه، ومال عليها فقبَّلها، واغرورقت عيناه!