السفينة لم تكن في حاجة إلى وصيفة على من فيها؛ فعاد توفيق إلى صاحبته ينوه بهمه!
وأبحرت السفينة بعد أيام، وراحت مارتزا تودِّع صاحبها، وهي تتجلد؛ ووقفت على الرصيف تلِّوح بيدها ويجيبها؛ ثم صفرت السفينة، وراحت تشق الماء، وسقطت الفتاة بين يدي أمها في غشية!
وحملوها إلى دارها، وجاء الطبيب؛ ولكن مارتزا كانت من الصدمة التي نالتها بحيث لا يجدي عليها احتيال طبيب!
وجلست أمها بجانب فراشها تبكي، ووقف الطبيب جيران، ولم تفق مارتزا من غشيتها!
وراحت السفينة تشق البحر بحيزومها، وعلى ظهرها توفيق وخلَّفت على الشاطئ فتاة بين الحياة والموت!
ولكن السفينة لم تكد تمضي على وجهها، حتى جاءتها الأنباء بأن المجاز مغلق في طريقها، فعادت أدراجها إلى كوستازا، حتى يصدر إليها الأمر بالمسير
وأرست السفينة، فهبط توفيق مسرعاً إلى البر ليرى فتاته ويأنس بها ساعة، وهو لا يعرف من أمرها شيئاً
ودق الباب ودخل، وكانت تهذي باسمه، وفزع توفيق، وجرى إليها وهو يصيح: ماريتزا! ماريتزا!
وأفاقت ماريتزا بعد غشية يومين، وشفاها لقاءُ حبيبها حين عجز الطبيب
وثابت إلى الفتاة قوتها رويداً رويداً، ولكنها لم تفارق فراشها ولم يفارقها توفيق. ومضت أيام، وصدر الأمر إلى السفينة باستئناف رحلتها. وخاف توفيق أن ينال الفتاة ما نالها أول مرة لو علمت أنه موشك أن يفارقها؛ فأسر الخبر إلى أمها لتحتال في أمرها. . .
ومضى توفيق ليؤدي واجبه في السفينة، وهو محزونٌ أَسوان وكان باقياُ على إبحار السفينة ساعات حين جاءه الربان يسأله:(توفيق، إنك تعرف فتاة كانت تريد أن تعمل وصيفة في السفينة! فهل يمكن أن تدعوها الآن؟ إن إحدى وصيفاتنا مريضة وقد غادرت السفينة إلى المستشفى ونحن في حاجة إلى بديل!)
ولم يتلبث توفيق؛ فما هو إلا أن أسرع إلى صديقته يدعوها، وأبحرت السفينة وعلى ظهرها الحبيبان. . .