ولو أننا وضعنا - كما فعل نيوتن - أمام الأشعة المبعثرة عدسة فإن هذه الأشعة تتجمع مرة أخرى بعد خروجها من العدسة وتكون الضوء الأبيض من جديد
ولقد كان الانكسار في الضوء الأساس في اختراع كل الأجهزة الضوئية: كالمنظار الفلكي (التلسكوب) والمجهر (الميكروسكوب) والجهاز الفوتوغرافي. بهذه الأجهزة جال الإنسان بنظره وفكره من العوالم البعيدة إلى الدقائق التي لا تراها العين، واستطاع أن يحتفظ بصورة الأشياء والحوادث، اجتماعية كانت أم علمية؛ وهكذا بتعديل في شكل الزجاج خرجت صناعة هامة هي صناعة العدسات، واقترنت هذه بأعمال الإنسان حتى بات فريق كبير يحملها على العيون ليرى للعالم صورة أوضح من التي تسمح له بها حواسه، وكان ذلك امتداداً عجيباً لوظيفة العين البشرية، امتداداً لحياتنا البيولوجية
لم تكن هذه الظواهر: من مسار الضوء في خط مستقيم، وانكساره عند اختراقه المواد، وتحليله إلى ألوان مختلفة - بكافية لنتعرف حقيقة الضوء؛ وكان على الباحثين لمعرفة ذلك أن يدرسوا خواصه دراسة وافية، وهذا ما عكف عليه العلماء الذين ذهب التفكير بهم إلى افتراض احتمالين:
الأول أن يكون الضوء مكوناً من جسيمات صلبة مقذوفة في الحيز
والثاني أن يكون الضوء حادثة وقعت على جسيمات أخرى مادية، وليس هو الجسيمات بذاتها، وفي الحالة الثانية يكون الكون بأسره مملوءاً بهذه المادة التي سموها الأثير وهذه المادة لا نراها بالذات إنما نرى ما يحدث فيها من تعديل أو تموجات، وظل الرأيان يتناوبان المكان الأول عند العلماء الذين اعتقدوا أولاً في الفكرة الشيئية (أي الجسيمية) ثم اعتقدوا ثانياً في الفكرة الحدثية (أي الموجية)، ولأسباب سنذكرها هنا انتصرت الفكرة الأخيرة عهداً طويلاً، وظلت النظرية الصحيحة إلى أن حولت النظريات الحديثة ونظرية الكم مرة أخرى العقائد نحو الفكرة الأولى
أما النظرية الشيئية فقد أسسها نيوتن أن الضوء مكون من جسيمات صلبة صغيرة مقذوفة في خط مستقيم في الفضاء، وكان لما يتكون من ظل لأي جسم موضوع أمام منبع ضوئي دليل عند نيوتن على ما احتجزه الجسم من هذه الكرات التي حال الجسم دون مرورها
أما النظرية الحديثة، فقد أسسها الرياضي الهولاندي ويجانز في المبدأ على اعتبارات