تختلف عن إنجليزية الجزر البريطانية في كثير من المفردات وأساليب النطق؛ وأخذت ألمانية سويسرا تبتعد عن أصلها ويزداد تأثرها بجارتها الفرنسية، حتى توشك أن تكون لهجة متميزة عن ألمانية الألمان وقد اتسعت مسافة الخلف بين اللهجات المتشعبة عن العربية حتى أصبح بعضها غريباً عن بعض؛ فلهجة العراق في العصر الحاضر مثلاً لا يكاد يفهمها المصري. غير أنه قد خفف من أثر هذا الانقسام اللغوي بقاء العربية الأولى بين هذه الشعوب لغة أدب وكتابة ودين
والعامل الرئيسي في تفرع اللغة إلى لهجات ولغات هو سعة انتشارها. غير أن هذا العامل لا يؤدي إلى ذلك بشكل مباشر، بل يتيح الفرص لظهور عوامل أخرى تؤدي إلى هذه النتيجة. وباستقراء هذه العوامل في الماضي والحاضر يظهر أن أهمها يرجع إلى الطوائف الآتية:
١ - عوامل اجتماعية سياسية تتعلق باستقلال المناطق التي انتشرت فيها اللغة بعضها عن بعض، وضعف السلطان المركزي الذي كان يجمعها ويوثق ما بينها من علاقات. وذلك أن اتساع الدولة وكثرة المناطق التابعة لها، واختلاف الشعوب الخاضعة لنفوذها. . . كل ذلك يؤدي غالباً إلى ضعف سلطانها المركزي، وتفككها من الناحية السياسية، وانقسامها إلى دويلات أو دول مستقل بعضها عن بعض. وغنى عن البيان أن انفصام الوحدة السياسية يؤدي إلى انفصام الوحدة الفكرية واللغوية
٢ - عوامل اجتماعية نفسية تتمثل فيما بين سكان المناطق المختلفة من فروق في النظم الاجتماعية والعرف والتقاليد والعادات ومبلغ الثقافة ومناحي التفكير والوجدان. فمن الواضح أن الاختلاف في هذه الأمور يتردد صداه في أداة التعبير
٣ - عوامل جغرافية تتمثل فيما بين سكان المناطق المختلفة من فروق في الجو وطبيعة البلاد وبيئتها وشكلها وموقعها. . . وما إلى ذلك، وفيما يفصل كل منطقة منها عن غيرها من جبال وأنهار وبحار وبحيرات. . . وهلم جرا. - فلا يخفى أن هذه الفروق والفواصل الطبيعية تؤدي، عاجلاً أو آجلاً، إلى فروق وفواصل في اللغات
٤ - عوامل شعبية تتمثل فيما بين سكان المناطق المختلفة من فروق في الأجناس والفصائل الإنسانية التي ينتمون إليها والأصول التي انحدروا منها، فمن الواضح أن لهذه