للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: إن كثيراً من الناس يحبذون فكرة جمعية (الأصدقاء في العالم) ولكنهم يقولون بأن تحقيق أمانيها مستحيل، لأن الناس كانوا منذ بدء الحياة وعلى تعاقب الأجيال في خلاف وحروب مستمرة

ولكننا نؤكد أنه ما دامت الإنسانية قد فازت على الطبيعة، وحققت التقدم المادي بالاختراعات والاستكشافات: كالطيران والإضاءة الكهربائية والراديو وغيرها، فلا شك في أنها جديرة بتحقيق التمدن الأدبي وهو الأهم، ولهذا السبب، أي لكونه الأهم، فإنه سيستغرق وقتاً أطول مما استغرقه التمدن المادي، إذ أنه يستلزم كفاح النفس ضد شهواتها وميولها. وهذا الكفاح صعب على الطبيعة البشرية، ولكنه ليس من المستحيل. والبرهان على ذلك وجود كثير ممن فازوا وتغلبوا على ميولهم الأولى كالغضب والبخل، وأصبحوا بكفاحهم الداخلي ذوي حلم وكرم

وانتقل المحاضر إلى القول بأن المساعي لم تنجح حتى الآن في نشر لواء السلام، لأن الداعين إليه يريدون تأسيسه على الماديات فقط لا على ما تكنه الصدور، أعني على القلب

ثم ختم محاضرته بقوله:

(إذا سقط رجل في الشارع مصاباً بصدمة سيارة وشهده جمع من المارة، ألا يتهافتون لمساعدته شفقة عليه دون أن يعنيهم مذهبه أو جنسه أو لأي حزب سياسي ينتمي؟)

فهذا يدل بلا شك على أن هناك شعوراً مكنوناً في صدر الإنسان، وفي أعماق قلبه يمكن بوساطته التفاهم، وإيجاد المحبة بين الجميع. ذلك الشعور هو الأساس الذي يجب أن ينشأ عليه العالم الجديد الذي تسعى إليه جمعيتنا، ذلك هو عالم المودة والوفاق والرقي الأدبي والروحي، أي التمدن الحقيقي

وإذا اعترض أحد قائلاً: (ما هي فائدتي الشخصية في السعي لإيجاد المودة بين الناس كما تقترحه على جمعيتكم؟) لأجبته قائلاً: (لأنك لو حققت السلم في الوسط الذي أنت فيه لعرفت ما هي نفسك التي تجهلها الآن، ولوجدت في أعماقها ينبوع الحياة والسعادة التي لا تزول)

نقد وتصويب

تحت هذا العنوان لفت نظري الأستاذ الفاضل أبو الفضل السباعي ناصف، إلى بيت في

<<  <  ج:
ص:  >  >>