أعيا فرسه نزل له أحد الرفيقين عن فرسه، فسار حتى أعيا الفرس الثاني، فقدم إليه الرفيق الأخير حصانه، وسار وحده ووراءه اثنان من الأعداء حتى جن الظلام، فترحل وأوى إلى صخرة ليعتصم بها ويرمي من يتعقبه بالنبال. وذلك مثل مما مر بهذا الرجل الشجاع الصبور
ولابد لمثل بابر أن يكون ملكاً، فلما عجز عن استرجاع فرغانة وسمرقند عزم على أن يختط بالسيف مملكة أخرى، فما كان له بد من أن يكون ملكاً طوعاً أو كرهاً، فها هو ذار يجتاز جبال هند كوش الثلجية ويفتح كابل ثم يمد سلطانه في أرجاء أفغانستان
بابر اليوم ملك مسلط على أقاليم من أفغانستان ولكن همته تحاول ملكاً أعظم، وعزمه لا يقر بالعجز عن استرجاع عرش آبائه فيما وراء النهر. وهاهو ذا السلطان إسماعيل الصفوي يطوي الأرض من أذربيجان إلى أفغانستان فيحالف بابر إسماعيل الصفوي على عدوه من الأزبك
سار بابر إلى سمرقند سنة ٩١٤ فأخذها ولكنه أخرج منها بعد حين وهزم هزيمة شنيعة أبلغته كابل بعد أن أشفى على الهلاك
يئس بابر من سمرقند بعد هذه الخطوب أو كاد ييأس منها فمنالها اليوم بعيد. فماذا يفعل؟ أيقنع بما ملك من أفغانستان ويرتقب الحوادث لعلها تتيح له فرصة، أم يقهر الحوادث على الخضوع لمشيئته ويوسع سلطانه في أرض الله الواسعة؟
كانت جيوش بابر تشرق إلى حدود الهند أحياناً فما الذي يمنعه أن يحاول ملكاً عظيماً في هذه الأرض العظيمة؟
غزا الملك الطموح أطراف الهند سنة ٩٢٥هـ (١٥١٩م) واستولى على بعض الأقاليم ثم رجع إلى كابل فانتقضت عليه الأرض التي فتحها، ولكن هذه الغارة مدت عينيه إلى هذه الأرض الغنية الواسعة
- ٥ -
كان السلطان في وهلي إذ ذاك إبراهيم اللوري الأفغاني الأصل استولت عليها أسرته سنة ٨٥٥. وكان إبراهيم ولوعاً بأبهة الملك يريد أن يخضع رؤساء الأفغان لآداب وسنن لم يألفوها. كان يلزمهم أن يقفوا في حضرته صامتين مطرقين، فسخطوا عليه واجتمع بعضهم