كثيرة من هذا القبيل، منها أن المتوفى عنها زوجها يجب عليها أن تظل مدة طويلة، تبلغ أحياناً سنة كالمة صائمة عن الكلام. ويظهر أن شيئاً من هذا كان متبعاً عند اليهود، بدليل قوله تعالى على لسان مريم:(إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيَّا، فأشارت إليه. . . الآية)
ومنها الحركات التي يستعين بها في أثناء حديثهم أهل اللغات الساذجة الناقصة لتكملة ما ينقص تعبيرهم وما يعوزه من دلالة. وقد لوحظ هذا في كثير من الأمم الأولية. فقد روي عن البوشيمان (عشائر أولية تسكن بعض مناطق في أفريقيا الجنوبية) أنهم إذا أرادوا المحادثة ليلاً أشعلوا النار ليتمكنوا من رؤية الإشارات اليدوية التي تصحب كلامهم فتكمل ناقصه وتحدد مدلولاته
ومنها الإشارات التي تصحب حديثنا نحن لتوكيد المعاني، أو لتمثيل الحقائق، أو لزيادة التوضيح؛ والتي تستخدمها وحدها للدلالة على الإيجاب والنفي والاستحسان وما إلى ذلك: كالإيماء بالرأس للتعبير عن القبول، وتحريك السبابة حركة مستعرضة للتعبير عن الرفض أو النفي، ومد الشفتين ووضع السبابة عليهما للأمر بالسكوت. . . وهلم جرا
(وثانيهما) إشارات أصيلة عامة، وهي التي يتكون منها لغة كاملة مستقلة تستخدم وحدها في جميع الشئون والظروف. . . . وقد استخدم هذا النوع من اللغات عند بعض الجماعات الإنسانية ولا يزال مستعملاً في بعض العشائر. فقد عثر في الأمم الأولية على جماعات كثيرة لا تكاد تستخدم في تعبيرها غير الإشارات اليدوية والجسمية. ومن هؤلاء بعض قبائل السكان الأصليين لأمريكا واستراليا وبعض عشائر أفريقيا. ويطلق على هذا الضرب من التعبير اسم (لغة الإشارات) أو (الإشارات التحليلية) وقد عني بدراسته عدد كبير من علماء الأتنوجرافيا والاجتماع من أشهرهم مولري وتيلور ورومان ولوبوك وسبنسر وجيلين وليفي برول وريبو والدكتور فيشر الألماني
وقد صور الدكتور (فيشر) هذا النوع من اللغات وقربه إلى الأذهان إذ يقول:
إذا التقيت بأحد الهنود الحمر وأردت أن أخاطبه بلغة الإشارات لأسأله هل رأى ست عربات يجرها ثيران ويصحبها ستة سائقين منهم ثلاثة مكسيكيون وثلاثة أمريكيون وواحد ممتط صهوة جواده، فإنني أشير إلى شخصه بيدي للدلالة على كلمة (أنت)، ثم أشير إلى