للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لكنه أصبح فيما بعد مقيداً ومحصوراً أي أن المرأة أصبحت تخص جملة أشخاص معينة من أسرة واحدة أو من أم واحدة. غير أن الفيلسوف الإنكليزي (يعد تعدد الأزواج من الأمور الشاذة التي نتجت عن قلة النساء) فالأمومة كانت إذن سائدة في الوقت الذي كان فيه زواج الاشتراك شائعاً عند الأمة العربية، قبل أن تعرف الزواج الشرعي أو الزواج الفردي الذي تعرفه الهيئة الاجتماعية الحاضرة وتعمل به

ولابد لنا من أن نتساءل: هل كانت الأمة العربية في جاهليتها، تعرف هذا النوع من الزواج - زواج الاشتراك - أم أخذت بنوع آخر أي بتعدد الأزواج؟

لقد اخبرنا أحد المؤرخين اليونانيين القدماء - سترابون - عن أمر الزواج عند عرب الجاهلية بأن (الأملاك عندهم مشتركة أي أنها تخص جميع أعضاء الأسرة التي يرأسها شيخ، وهو أكبرهم سناً، ولهم جميعاً امرأة مشتركة يختلفون إليها، فمن جاء منهم قبلاً دخل عليها، وترك على الباب عصاه، ليشير بذلك إلى اختلائه بها. . .

لكنها، في الليل، لا تكون إلا مع أكبرهم سناً) نفهم من هذه العبارة التي أوردها هذا المؤرخ اليوناني أن تعدد الأزواج كان فاشياً بين العرب ومعروفاً عندهم، وهذا ما اعتقده المستشرق سمث.

وأعقب هذا المؤرخ عبارته تلك بعبارة ثانية خالف بها ما ذهب إليه في الأولى إذ قال: (وهم يتصلون بأمهاتهم ويعاقبون الزاني بالموت، ويريدون بالزاني من اتصل بامرأة من غير قبيلته). يعني بذلك أن رجال القبيلة الواحدة أباحوا لأنفسهم الاتصال بنسائها بحرية تامة، فلم تكن المرأة يستأثر بها رجل معين، أو جماعة معينة، وهذا ما يجعلنا نؤمن بشيوع زواج المشاركة عندهم لا تعدد الأزواج

يقول أحد علماء الاجتماع: (إن العرب في الجاهلية لم تكن تعرف زواجاً مستمراً ترتبط به المرأة مع رجل إلى وقت محدود؟ ذلك أن العرب كانوا يفضلون النكاح الوقتي على غيره). وقال أيضاً: (والعرب يقضون عمرهم في التجول والتنقل ونساؤهم يتصلن بمن أردن من الرجال لأجل معين، بعد أن يأخذن منهم أجورهن فريضة. هذا النكاح الوقتي يشبه نكاح المتعة الذي أباحه النبي العربي الكريم لأصحابه في أول عهد الإسلام، وقد عرفه بعض علماء الشرع بأنه نكاح يعقد إلى أجل معين، ثم يحل بعد انقضاء هذه المدة. وفسره البعض

<<  <  ج:
ص:  >  >>