يدين قومها بشيء، بل هم ساخرون هازلون بالعقائد الإلهية والقوانين المرسلة. . . ولكن الكتاب رغم ذلك كله لم ينل النجاح الذي قدره روجر له ولم يف بالغرض الذي أراده، لأنه كتب بأسلوب علمي لا يشجع على القراءة، وإن كان قد مهد به لبحث مسألة حيوية لجيل من الشباب.
كان روجر صادق النية في محاولة تخليص أمته من تأثير إيطاليا، ولذا لم يرض هو نفسه عن كتابه هذا. . . كان يريد كتاباً من نوع آخر. . . كتاباً يقرأه الخاص والعام، فيخرج منه متأثراً منضما لروجر في فكرته، مؤيداً له في وجوب القضاء على هذه العادة. . . ولكنه لا يستطيع كتابة هذا الكتاب لقلة فراغه وكثرة مشاغله. . . فماذا يفعل؟. . .
تذكر الشاب المغمور جون ليلي وعرف فيه القدرة على وضع الكتاب المنشود والبراعة في الوصف والتأثير على القارئ، فأوحى إليه أن يضع قصة يبين فيها آفات المجتمع الإيطالي وخطره العظيم على شبيبة ناشئة والنتيجة السيئة لهؤلاء الذين يعيشون في وسطه وما زال دم الشباب يجري في عروقهم حاراً عنيفاً. . . وما زال بهم ظمأ شديد للعب والوثب. . . وظمأ أشد للحب والمرأة. . . وشغف لا يقاوم بحياة الليل المسممة بين رنين الكؤوس وأصوات القبل.
وكان ليلي عند حسن ظنه به فدرس المؤثرات التي يستهدف لها الفتى الإنجليزي في إيطاليا وبلادها وجعلها موضوعاً لقصته العظيمة (يوفيس)
كان اسم (يوفيس) اسماً مقتبساً عن الإغريقية، ولعل هذا هو ما حدا به لأن يجعل بطل قصته شاباً من شباب أثينا المفتونين أنهى دراسته ثم رحل إلى إيطاليا للدراسة، وفي طريقه عرج على (نابلي) وهناك التقى بآخر يدعى إيبوليس. . . ولكن هذا الأخير عاقل في بلدة أجدبت من العقلاء؛ فهو ينصح يوفيس، ولكن يوفيس لا ينتصح. . . وهو يلومه ولكنه لا يرعوي. . . وهو يحاول أن يفيده والآخر لا يريد؛ فإذا ما مل نصحه ويئس من إصلاحه صمت على مضض. . . ولكن رغبته في إصلاح صديقه لا تلبث أن تعود فيضرب على الناحية الحساسة في نفس يوفيس قائلاً:
- أي يوفيس البائس. . . اعمل لأجل الله ولا تعمل لأجل نفسك، واجعل حبه لا حب البشر هو المسيطر عليك، وأحذر أن تغضبه منك، فإنك لو عملت له، وأخلصت لذاته