كانت الدراسة الطويلة للآداب الإيطالية وأساليبها من أقوى المؤثرات في الأسلوب الذي ساد في هذا العصر. . . لقد عنى الكتاب بالمظاهر في أسلوبهم أكثر مما عنوا بالفكرة في كتاباتهم. ونحن إذا تعمقنا قليلاً في الأساليب التي استعملت في هذا العهد وجدنا فيها شيئاً غير قليل من محاولة التلاعب بألفاظ وحروف اللغة ومحاولة جعل أوائل أو أواخر الكلمات متشابهة في جرسها أو رنتها الموسيقية كالسجع في اللغة العربية مثلاً
وقبل أن أنتقل بالقارئ إلى نوع آخر استعمل في الأسلوب الإنجليزي لهذا العهد أحب أن أنقل هنا جملة من الأسلوب الذي تحدثت عنه وهي من قصة (يوفيس):
أما النوع الآخر فقد سموه أسلوب التباين أو الموازنة المضادة وأنا أنقل منه هنا بضع جمل لسهولة الفهم:
, وإليك جملة أخرى:
,
وتفيض كتابات هذا العصر بمثل هذا الأسلوب الأخير، كما تفيض بالأسلوب الأول. وبقدر ما كان لهذه الأساليب من ميزة إن صح أن كان لها ميزة، كان الشعور العميق والاختلاجات الحقيقية صعبة الإظهار. . . صعبة البيان. . . تحتاج إلى كثير جداً من المهارة والحنكة والتصرف والإلمام بكلمات اللغة. . . وخلق المرادفات التي لا يستثقلها السمع ولا ينبو عنها الذوق، وفي كل هذا من الإرهاق والجهد ما يفوت المقصد الحقيقي على الكاتب، بل ويمعن به في البعد عن الموضوع إمعاناً معيباً جرياً وراء هذا السجع، أو ذاك التباين، فإنه مما لا شك فيه أن محاولة تصيد الحروف الأولى للكلمات أو الحروف الأخيرة تقف - في غير الشعر - حجر عثرة في سبيل الأسلوب المستقيم.
هذه هي أهم الأحداث في تاريخ الأدب القصصي في هذا العهد الذي ابتدأ عام ١٥٥٨م إلى ١٦٠٣م
ولا شك أن القارئ لاحظ معي أنني قصدت الكلام عن قصة يوفيس، ولكني لم أفعل ذلك إلا لأن هذه القصة هي أعظم أثر أدبي لهذا العصر فضلاً عن أنها تمثل في أكثر أسلوبها