منحرف، وان ثانياً بائس مسكين لأنه لا يتمتع بأضلاعه الثلاثةتامة كاملة، وثالثاً يعاني مرارا الألم لان الممحاة قد أتت عليه فأزالته من الوجود. . . فماذا أنت قائل إزاء تلك الأهواء المتنازعة؟ انك لن تفهم لها معنى، لأنك تنظر بمنظار اخر أعم وأشمل.
نيتشه - أؤيد سبينوزا فيما يقول، ولست أفهم هذا التفريق بين الخير والشر، فكلاهما خير للبشر، ولو لم يكن الشر خيراً لما صمد في معترك التنازع على البقاء، بل محى من الوجود منذ أمد بعيد.
فولتير (يضحك) - هل أتاكم حديث الواقعة التي نزلت بلشبونة، إذ زلزلت الأرض زلزالها فأردت ثلاثين ألفا من رجالها؟ ويأبى القدر إلا أن يمعن في السخرية، فيجمع عدة من هذه الألوف بين جدران بيت من بيوت الله، فينقض على البؤساء ذلك البناء المقدس وهم يؤدون الصلاة!! ثم يعلن القساوسة في جرأة وقحة بأن الكارثة إنما جاءت جزاء وفاقا لما قدمت أيديهم من ذنبوب!!!
روسو - وهل تريد ان تلقى التبعة على غير الإنسان؟ فلو هجر المنازل وطلق المدن إلى حيث الطبيعة الطلقة الطاهرة، لما تهدمت فوق رؤوسهم جدران ولا ركمت سقوف!
فولتير - هل جاءك يا عزيزي روسو نبأ الفتى كانديد؟
ذلك الصبي الألماني الذي لبث يأخذ العلم عن أستاذ فيلسوف؟ لقد أبى الدهر عليهما حياة هادئة، فأرسل عليهما المصاب في اثر المصاب حتى اضطر إلى الرحيل إلى لشبونة، وكأنما أراد الدهر إلا يغمض عنهما جفنا، فكانت تلك المأساة المروعة التي حصدت الأحياء حصداً بالألوف؛ ولكن الفتى وأستاذه قد أفلتا من يد الموت، والتقيا في فزع ورعب، وبيناهما في سمر الحديث، يرويان ما صادفا من هول، إذا بامرأة عجوز تجيء إليهما من أقصى المدينة، فنقص عليهما ما لاقته من هول تشيب له ناصية الطفل الرضيع، (ولقد حدثتني النفس مائة مرة بان ألقى عبء الحياة عن كاهلي، ولكن على الرغم من ذلك قد أحببت الحياة!!. . .)
تبت يدا الإنسان، إنه لفي ضلال مبين، أترون كيف ينوء تحت أثقال الحياة، ثم يقبل راضيا أن يظل ذلك العبء فوق كاهله، مع انه يستطيع أن يلثقه إلى الأرض بعزمة واحدة؟! ولأعد بكم إلى حديث الفتى كانديدن فقد أرهقته محاكم التفتيش، ففر هاربا إلى