للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الولد يتبع أمه، وحالته تتوقف على حالتها، وهذا ما يعرف عند العلماء بأن (الولد يتبع الرحم)، بمعنى أنه إذا كانت الأم حرة، فولدها حر، وإن تزوجت عبداً؛ وإن كانت أَمة، فولدها عبد، وإن كان زوجها حراً. وفي كلتا الحالتين، يتبع الولد أمه في حالتي الحرية والرق.

ذكر مؤرخو الأدب، أن عنترة العبسي، الشاعر الجاهلي الكبير، كانت أمه حبشية، وأبوه من سادات بني عبس؛ أنف أبوه أن يلحقه بنسبه فجعله في عداد العبيد، وكان عنترة عند أبيه منبوذاً بين عبدانه يرعى له أبله وخيله، فربأ بنفسه عن خصال العبيد، ومارس الفروسية ومهر فيها، فشب فارساً شجاعاً هماماً، وكان يكره من أبيه استعباده له وعدم إلحاقه به، حتى أغار بعض العرب على عبس واستاقوا إبلهم، ولحقتهم بنو عبس وفيهم عنترة لاستنقاذ الإبل. قال له أبوه كر، يا عنترة؛ قال: العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلاب والصر؛ قال له: كر فأنت حر، فقاتل قتالاً شديداً حتى هزم القوم واستنقذ الإبل.

لا ريب إذن في أن الأب الحر، لا يقدر أن يجعل من أبنه ولداً حراً، إذا كانت زوجة أَمة، ولو كان زواجهما شرعياً؛ والأم الحرة تستطيع أن تجعل من أبنها ولداً حراً، ولو كان زوجها عبداً رقيقاً. إن هذا التفاوت بين حقوق الأرقاء، إن هو إلا بقية من بقايا الأمومة التي نشأت عنها طبقة الأعيان عند العرب يوم كانت تؤثر نسب المرأة على نسب الرجل، في حفظ شرف أسرتها.

يقول المستشرق سميث إن العرب كانت، في عصر الجاهلية، على الزواج الخارجي واستشهد على ذلك بما قاله الذي رد هذا الزواج إلى العادة التي كانت شائعة بين العرب عن وأد الفتاة أو قتلها مما أدى إلى قلة النساء وزيادة عدد الرجال زيادة بينة، فاضطر الرجال إلى طلبهن في غير قبائلهم.

لا نكران أن بعض القبائل العربية كانت تمارس هذه العادة، وكانت تئد بناتها بعيد ظهورهن؛ قيل (كان الرجل إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحيها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له لإبل والغنم في البادية؛ وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية - أي لها من العمر ستة أعوام - فيقول لأمها طيبيها حتى أذهب بها إلى أعمامها، وقد حفر لها بئرا في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها انظري فيه ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها

<<  <  ج:
ص:  >  >>