التراب حتى تستوي البئر بالأرض) وقيل (كانت الحامل إذا أقربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة؛ فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابناً حبسته)
وورد في أمثال العرب ما يفهم منه أنهم كانوا يرتاحون إلى وأد البنات؛ من ذلك قولهم:(تقديم الحرم من النعم)، و (دفن البنات من المكرمات). أما السبب في وأد البنات، فهو إما خوفهم من لحوق العار بهم من أجلهن أو للتخلص من مؤونة تربيتهن أو مخافة السبي والفقر والإملاق؛ بل كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به فهو أحق بهن. ولما ظهر صاحب الشريعة الإسلامية، النبي العربي الكريم، نهى الله عن هذه العادة وحرمها فقال:(ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق، نحن نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطئاً كبيراً).
ويقال إن العرب، قبيل الإسلام، عدلت عن هذه العادة أو كادت؛ فقد عرف صعصعة بن ناجية أنه كان يقاوم وأد البنات، ويفدى كل موءودة بناقتين وجمل؛ فلقب بمحي الموءودات وبه افتخر الفرزدق إذ يقول:
ومنا الذي منع الوائدات ... فأحيا الوئيد فلم توأد
لم تكن هذه العادة من الأسباب التي دعت الرجال إلى طلب النساء في غير قبائلهم، ولم تكن أيضاً سبباً من أسباب شيوع الزواج الخارجي عند العرب كما زعم , إن ظاهرة طبيعية غفل عنها العالمان ولم يتنبها إليها، هذه الظاهرة حرية بالتفكير والتأمل، ذلك أن إحدى المفكرات ذهبت إلى أن الإناث في المخلوقات جميعها تفوق الذكور منها عدداً، وإذا تمشينا على هذه القاعدة نجد أن عدد البنات كان ولا يزال أكثر من عدد الصبيان، فضلاً عن أن الرجل يتعرض دائماً لأخطار الحروب والأمراض أكثر مما تتعرض لها المرأة، ومهمة الرجل كانت تقوم على محاربة العدو لحفظ كيان قبيلته من الفناء، وعلى قتال وحوش الغابات والأحراش للحصول على أهم ما يحتاجه من مأكل وملبس وإذا ما سلمنا جدلاً مع هذين العالمين، أن وأد البنات كان من أسباب شيوع الزواج الخارجي، فكيف سمحا لنفسيهما أن يتجاهلا نتيجة هذا الوأد في القبائل الأخرى؟ فإن قل عدد النساء في قبيلة واحدة، وجب أن تقل في قبيلة أخرى، وهذا ما يجعل الزواج الخارجي عسيراً إن لم يكن مستحيلاً. . .