النفوس وأمورها، ولكنهم يؤثرون على هذا أن يفروا من البشرية إلى مرحهم وغنائهم ورقصهم، فهم لا يلمون بالناس إلا حين تعوزهم حاجة، فعندئذ ينزلون على الناس ليأخذوها، وهم آخذوها إن أباحها الناس لهم أو منعوها، وهم آخذوها إن حللتها الشرائع أو حرمتها، لا يستطيع إنسان أن يردهم، ولا أن يمسكهم بها، ولا أن يستردها منهم. . . غجر أولاد شيطان. .
- وهذا الشيطان عمنا هو أيضاً كعمنا ميمون؟
- لا، بل إنه خالنا أخو أمنا حواء الذي قال لها: رَجُلك خواف، رجلك ضعيف، شحيح إن أطعمك ما أطعمك، فإنه بضن عليك بالتفاحة. . . يا حلاوة التفاحة!
- صحيح، إن في عينيه بريقاً كما تلمع عيون الشياطين. . . أعطهم شيئاً وتعال. . .
- انظري إليهم وهم ذاهبون يحيطون به. . . الحق أنه ما في الأرض من يمثل سيادة الإنسان على بقية الخلق كهذا الغجري والغجر جميعاً، فهم البقية الباقية من الناس الذين كانوا يعاشرون الأرواح ويأتلفون بها قبل أن تهيم البشرية حباً بالحديد والحجر، هؤلاء الغجر لهم أحاديث في كيمياء النفوس أعجب من العجب، ليت علماءنا يستمعون إليهم ويحاولون تحقيق أحاديثهم. . .
- وما كيمياء النفوس هذه أيضاً؟. . .
- هذا بحر فيه ماء وملح يلقى الشمس فيتبخر منه الماء ويبقى الملح، ويصعد الماء إلى السماء بخاراً. فيلقى البرد فيرتد إلى الأرض ماء حلواً ليس فيه ملح، ويجري على الأرض في هضاب ووديان ويسري في النبات والحيوان والإنسان، وفي الأحجار أيضاً يسري، ويتبخر منه عندئذ بعضه ويبقى بعضه، ويعود منه إلى البحر بعضه ويضيع منه في الخلائق بعضه. . . هذا البحر. . .
- معقول. . فكيف يقيس الغجر النفوس بهذا المثل؟
- هم يقولون هذا إنسان. فيه نفس وجد. يلقى الحياة وما يزال يتلقاها حتى تتبخر نفسه ويظل جسده في الأرض، وتصعد روحه إلى السماء فتجد حجاباً فترتد إلى الأرض تبحث عن قوة تمكنها من خرق الحجاب إذا عادت مرة أخرى إلى السماء وهذه القوة في قولهم تواتي النفس بالتطهر والتلطف، والتطهر والتلطف يجيئان في قولهم بالتدريب. فإذا كانت