نفس إنسان قضت حياتها الأولى ثائرة ساخطة وتبخرت وهي ثائرة ساخطة فثقل بها السخط وثقلت بها الثورة عن خرق الحجاب عادت إلى الأرض تتعلم الصبر والرضى فإذا أسعدها الحظ صادفت غلافاً حماراً ينحدر إلى الدنيا فحلت فيه، ونزلت به إلى الدنيا تقضي حياة كلها صبر وكلها احتمال وهوان. . . ورضا، وبهذا إذا تبخرت هذه النفس مرة أخرى خفت أكثر من ذي قبل، وربما استطاعت أن تخرق الحجاب وأن تمضي إلى عالم غير هذا العالم، وربما عادت إنساناً أو حيواناً أو شيئاً مما يخلق الله ويعلمه ونحن لا نعلمه. . .
- ولكن هذا القياس فيه فارق. فهم قد حولوا الإنسان إلى غير الإنسان بينما مثلهم الذي يقيسون عليه بحفظ الماء ماء مهما تعددت أشكاله
- فلنصلح لهم نحن هذا المثل فهم لم يتوفروا على كيمياء المادة مثلما توفروا على كيمياء النفس، ولست أخالك تنكرين أن الذي يقولونه عن تحولات النفس يشبه الذي يقوله علماء المادة عن تحولاتها، ولست أخالك تتركين هذا التشابه يمر بك من غير أن تسجليه على الأقل، أما أنا فإني لا اكتفي بتسجيله في ذهني وإنما أربط بعضه إلى بعضه وإن كنت إلى الآن لا أدري مثلما قد يدرون هم أي شئ سأربطه بعد ذلك في هذين السببين وإلى أين سأصل بهد هذا الربط. . .
- إلى. . . (العباسية) من غير شك
- حتى إذا وقفتك معي على أوجه الشبه بين الذي يقوله الغجر وبين الذي يقوله علماء المادة
- إن وقفت معك فأنا أيضاً في حاجة إلى علاج للرأس.
- العلاج على أي حال خير من إهمال المرض. اسمعي.
ألا يقول علماء المادة إن هذه الأرض كلها تتشعع وتريد أن تتلاشى في الفضاء؟ ألا يقولون إن لهذه الأرض غلافاً من الأثير وهو مادة ولكنه أخف من المادة وألطف منها وأشد شوقاً إلى التشعع والذهاب؟ ألم يكتشفوا أخيراً عناصر من المادة لا تزال نادرة جداً وهي أقدر المواد على التشعع والتطاير؟ إن هذه المواد هي أرقى ما في الأرض مادة، وهي أخف العناصر وألطفها، وهي لا تزال نادرة لأنها طلائع الدور الجديد الذي بدأت مادة الأرض تدخل فيه، والأرجح أن الأرض جميعاً ستتحول على مرور الدهور إلى هذه العناصر