للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحيط بالكرة. ولقد لاحظ (فراداي) أنه بتقريبه إبرة ممغطسة من دائرة كهربائية تدور الإبرة حول محور دورانها

ما أسعد العالم بهذه المشاهدة الأخيرة لفراداي، وإذا كانت مركبات الكهرباء تجوب المدن الآن بسرعتها المعهودة، وإذا كان المصعد يعمل في عماراتنا بلا ملل طول اليوم صعوداً وهبوطاً؛ فما هذا أو ذاك إلا تطبيق مباشر لمشاهدات فراداي التي قصها لقرينته في يوم من أعياد الميلاد، ومات فراداي ولم يستمتع بركوب الترام ولم يشاهد المصعد، وهكذا نظر الباحثون من عهده إلى الكهرباء لا كمادة في الأسلاك فحسب، بل كمجال حولها أيضاً

أما اليوم فشدَّ ما تتابعت الطفرات العلمية، ولم يعد القارئ بحاجة ليستحضر إبرة ممغطسة ليرى آثار الكهرباء عن بعد، بل إنه يشاهد ذلك في تجاربه اليومية. ومن منا لم يشعر وهو يجوب بسيارة عرض المدينة بالتأثيرات المختلفة التي تحدثها أسلاك الترام على (الراديو) الذي أصبح في السيارات الخاصة في مصر والعامة في أوربا من دواعي الرفاهية؟

وقد يتساءل القارئ مالنا واللجوء إلى هذا الموضوع الذي يُعد من أبدع ما وصل أليه الإنسان في التقدم ولم ننته بعد من حل الأزمة العلمية الكبيرة التي ذكرناها له وشغلنا ذهنه بها في مقالات متواصلة؟ وهو بهذا التساؤل لا يرى صلة بين الظواهر الكهربائية وما ذكرناه من عدم استساغة الفكرة الأثيرية بعد تجربة (مبكلسون)، ولكننا لم نذكر مشاهدة (فراداي) عبثاً، فلم يكن انتباهه التجريبي ليمر دون أن يفيد منه البشر فقد تناول (مكسويل) الإنجليزي مشاهداته، ووضع نظريات هامة أصبحت بعده أساس الدراسة لأهم الظواهر الكهربائية، ولم يكتف (مكسويل) بتفسير الظواهر التي شاهدها الإنسان حتى عهده بل كان واثقاً من طريقه الرياضي وثوقاً جعله يتنبأ بظواهر أخرى لم تكن قد اكتشفت بعد ولم يكن قد دل عليها في زمانه العلم التجريبي، ذلك أنه استنتج من معادلاته الأساسية مجموعة أخرى من المعادلات أثبت بها أن الكهرباء تنتشر في الفراغ بحالة موجبة، وبهذا تنبأ بوجود الموجات الكهربائية، ولم يكن في عهده سبيل لإحداث هذه الأمواج والتثبت من صفاتها على هذا الشكل الموجي، ولكن (مكسويل) اعتبر أنها موجودة، واعتبر أن الموجات الضوئية ليست إلا أمواجاً كهربائية

من هذا يدرك القارئ لماذا نذكر الكهرباء مع الضوء الموجي وقبل أن نفسر كيف ساعدت

<<  <  ج:
ص:  >  >>