هذه الخطوة الجريئة من (مكسويل) العلماء على التخلص من الأثير الذي افترضوه افتراضاً نذكر أولاً النتائج التجريبية العظمى التي خلص بها العالم من تفكير مكسويل الرائع ومن أداته الرياضية البديعة.
ولقد كان لهرتز الألماني الفضل الأول في الحصول على موجات كهربائية غير متصلة بموصل كهربائي، وتخترق الفضاء، واستطاع أن يعاملها كما نعامل الأشعة الضوئية فيعكسها مثلاً كما نعكس هذه الأشعة، واتجه كثير من الباحثين إلى دراسة هذه الناحية للأمواج الهرتزية، أو لم تتجه (ماري سكلودوفسكا) ذاتها المعروفة باسم مدام (كيري) شطر الأمواج الهرتزية قبل انشغالها بالنشاط الإشعاعي، وكشفها للراديوم؟. إننا نعرف أنها حاولت أن تتخذ لها مكاناً في معامل الأبحاث الطبيعية في السربون التي كان يديرها في ذلك العهد (ليمان المعروف بكشفه لفوتوغرافية الألوان، ولم يكن المكان ليتسع للأجهزة التي أرادت أن تستخدمها في بحثها، فاتجهت الطالبة البولونية شطر العالم (بكارل) في الوقت الذي كشف فيه أشعة الأيرانيوم، ولا نسرد الوقائع التي يعملها كل من تابع مقالاتنا، وما كان من أمر هذه الفتاة بعد ذلك فيما أوتيت من حظ في بحثها الموفق، فقد خرجت على العالم بالراديوم سنة ١٨٩٧، وقبل ذلك العهد اتجه (برانلي) الفرنسي سنة ١٨٩١ عن غير قصد نحو الأمواج الكهربائية بدراسة طبيعة الكهرباء، ففاز بالكشف عن اللاسلكي؛ وكرت السنون وتقدم (برانلي) و (كيري) لعضوية المجمع العلمي الفرنسي، وفاز (برانلي) وخُذِلت (كيري). أو كان فيما قدمه (برانلي) للعالم ما جعل نصف هؤلاء الذين يسمونهم الخالدين يعرضون عن أعظم امرأة عرفها التاريخ؟ هذا ما سيدركه القارئ في هذه السطور
ليس المجال هنا لنشرح للقارئ جهاز (الراديو)، وسنعمد إلى ذلك عندما تنتهي من قصة العلم الشائقة ومن سرد التطورات التي حدثت في معارفنا عن الكون؛ ولكنا نوجز هنا من الخطوات التجريبية ما له علاقة بحديثنا، وهي خطوات كانت إلى حد كبير أساساً للانتشار الموجي الكهربائي
درس (برانلي) الضوء البنفسجي المنبعث من الشرارات الحادثة من (زجاجات ليد) وتوصل من هذه الدراسة إلى ما يسمونه اليوم التفريغ الموجي للمكثف الكهربائي فتوصل في الواقع إلى عمل مرسل للاسلكي، ولقد وضع (برانلي) في حجرة مجاورة للحجرة التي