كانت بها زجاجات (ليد)(جالفانوميترا) ذا مرآة، وكان يستخدمه في دراسة المقاومة الكهربائية للوحة زجاجية مغطاة براسب من البلاتين وهي دراسة لا ترتبط في شئ ما بدراسة الشرارات الحادثة في الحجرة المجاورة وقد حدث في ساعة كان (برانلي) قريباً من (الجلفانومتر) بينما كان أحد مساعديه يشتغل على زجاجة (ليد) في الحجرة المجاورة. أن رأى (برانلي) رأي العين حركة فجائية سريعة في (الجلفانومتر) لفتت نظره ليدرس السبب في تغير التيار في هذه اللحظة التي لم يعمد فيها إلى تغييره، وبالأحرى أراد أن يعرف لماذا تغيرت المقاومة الكهربائية لهذه القطعة من الزجاج المغطاة بالبلاتين دون أن يسبب هو هذا التغيير. هذا البلاتين توزع بشكل معين وتجمعت جسيماته بشكل خاص كما تتجمع أو تنتظم البرادة الحديدية عند هزها، وقد فهم (برانلي) أن ثمة علاقة بين هذا الحادث وحادث التفريغ الكهربائي في الحجرة المجاورة. وبهذا توصل إلى اختراع أول نوع من المستقبل اللاسلكي يسمونه جهاز التماسك وبذلك يكون قد اخترع هذا العالم المرسلَ والمستقبِل، واستطاع بهما أن يرسل ويستقبل لمسافة تزيد عن ٢٠ متراً وخلال الجدران الإشارات المنبعثة من دائرة كهربائية باعثة، وقد نشر (برانلي) كشفه فعُرف في أنحاء أوربا، وتطلب الباحثون الحصول على نتائج أهم من التي وصل إليها
ولقد كان الفضل في سنة ١٨٩٩ - وبعد عشرة أعوام من تجارب برانلي الأولى - لماركوني الإيطالي في أن يبعث بإشارات تلغرافية لاسلكية تعبُر بحر المانش، فبعث بأول رسالة إلى (برانلي) نفسه، مشيراً بذلك إلى فضله الأول في الكشف عن اللاسلكي
وشاء الزمن للرجل الذي كشف جهاز التماسك أن يظل حياً حتى اليوم الذي رأى فيه رأي العين (التلفزيون))؛ وهذا يجعلنا نلمس السرعة الخارقة التي تقدمت فيها الكهرباء الموجية في الأربعين سنة الأخيرة
من كان يدري - عند ما عرف (أراجو) و (أمبير) و (أيرستد) آثار التيار الكهربائي لمسافة قريبة، وعندما تنبأ (ماكسويل) عن آثاره لمسافات بعيدة - أن سيصل الإنسان في فن الراديو للحد الذي وصل إليه اليوم؟
من كان يدري أن سيصل (ماركوني) و (فربيه و (فلمنج) إلى اختراع الصمام (اللمبة الإلكترونية) العجيبة فأتموا بها الأعمال الأولى والعظيمة للاسلكي