على الأكل على العموم أو الأكل في زمن ما. ولغة السكان الأصليين بجزيرة تسمانيا (بقرب استراليا) لا يوجد من بين مفرداتها لفظ يدل على الصفة؛ فإذا أرادوا وصف شئ لجئوا إلى تشبيهه بآخر مشتمل على الصفة المقصودة؛ فيقولون مثلاً فلان كشجرة كذا، إذا أرادوا وصفه بالطول
ولذلك يرى المحدثون من علماء اللغة، ومن علماء الاجتماع اللغوي أن الأصول الخمسمائة السابق ذكرها لا تمثل في شئ اللغة الإنسانية الأولى كما يذهب إلى مكس مولر؛ بل إنها بقايا لغة حديثة قطعت شوطاً كبيراً في سبيل الرقي والكمال، ولم تصل إليها الأمم الإنسانية إلا بعد أن ارتقت عقليتها ونهض تفكيرها. ويذهب بعضهم إلى أبعد من هذا فيقرر أنها مجرد أصول نظرية، وأنها لم تكن يوماً ما موضوع لغة إنسانية
(النظرية الرابعة) تقرر أن اللغة الإنسانية نشأت من الأصوات الطبيعية (أصوات التعبير الطبيعي عن الانفعالات، أصوات الحيوانات، أصوات مظاهر الطبيعة، الأصوات التي تحدثها الأفعال الإنسانية وغيرها. . . الخ) وسارت في سبيل الرقي شيئاً فشيئاً تبعاً لارتقاء العقلية الإنسانية وتقدم الحضارة واتساع نطاق الحياة الاجتماعية وتعدد حاجات الإنسان. . . وما إلى ذلك. وقد ذهب إلى هذا الرأي معظم المحدثين من علماء اللغة وعلى رأسهم العلامة وتني وذهب إلى مثله من قبل هؤلاء كثير من فلاسفة العصور القديمة ومن مؤلفي العرب بالعصور الوسطى. فقد تحدث عنه ابن جني (المتوفى سنة ٣٩٢ أي من نحو ألف سنة) بكتابه الخصائص في أسلوب يدل على قدمه وكثرة القائلين به من قبله
فبحسب هذه النظرية يكون الإنسان قد افتتح هذه السبيل بمحاكاة أصواته الطبيعية التي تعبر عن الانفعالات كأصوات الفرح والحزن والرعب. . . وما إليها، ومحاكاة أصوات الحيوان ومظاهره الطبيعية والأشياء كدوي الريح وحنين الرعد وخرير الماء وحفيف الشجر وجعجعة الرحى وقعقعة الشنان وصرير الباب وصوت القطع والضرب. . . وهلم جرا. وكان يقصد من هذه المحاكاة التعبير عن الشيء الذي يصدر عنه الصوت المحاكي أو عما يلازمه أو يصاحبه من حالات وشئون، واستخدم في هذه المحاكاة ما زود به من قدرة على لفظ أصوات مركبة ذات مقاطع؛ فكان يحاكي هذه الأصوات المبهمة بوضعها في أصوات مقطعية قريبة منها (قه قه مثلاً للتعبير عن صوت الضحك). وكانت لغته في مبدأ