للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ناولني شجرة من الشيح فسألته عن القيصوم وكنت رأيته بالبادية على مقربة من البصرة، فأسرع بعد قليل إلى نبتة وقال: هذه قيصومة وناولني منها، وهي تشبه الشيح، وتمتاز عنه بلون زهرها، ولا يدرك الفرق بينما إلا النباتي أو البدوي المرن على تمييز ضروب النبات وإن تشابهت. ثم مررنا بنبات صغير لا طئ بالأرض له عصارة لزجة فقال: هذه لبّيدة. رأى شجرة من الشوك كبيرة فقال: هذه سلة وما أكثر السلة في سيناء، ثم سمي من ضروب النبات التي مررنا علينا الوراقة، وهي نبت قليل الشوك تأكله الإبل، والكَباث وهو يشبه السلة إلا أنه أضعف شوكاً، وكان هديّان إذا مرّ بكباثة أبى إلا أن يميل إليها لينال منها. والكباث في معاجم اللغة ثمر الأراك، وهو غير هذا: ومما رأينا النعمان والحزماع، وهو شجيرة تنبت كالعصا لها فروع قصيرة. وقد رأيت منها واحدة يابسة فأشرت إلى سعد فجرى إليها وحاول خلعها فاستعصت عليه فناديته أن اتركها، فأبى وما زال يقوم بها ويقعد بها حتى أتى بها. وأراني سعد النعمان وأصابع العجوز والمرُورة والبركان والدهميّ، وكلها نبت ضعيف صغير. وكنت أمتحن سعداً فأسأله عن النبات الواحد مرة بعد أخرى فأعرف أنه ينطق عن معرفة. ومما رأينا الزعتر وهو نبات طيب الرائحة معروف في مصر والعثيران، قال سعد: وهو نبات الحمير، وهو نبات صغير له فروع وورق دقيق ورائحة طيبة، والهنيدة والجعدة والشكاع الخ

وقصارى القول أنه ليس في البرية نبتة صغيرة أو كبيرة إلا يعرفها الأعراب باسمها وصفها وخصائصها

ولقينا في وادي الشيخ أعرابيتين معهما قربتان صغيرتان، فكلمهما جبلي وكان يعرفهما. وسألته أين الماء؟ فقال: هنا وأشار إلى سفح الجبل، فنزلنا وصعدنا بين صخور عظام، حتى بلغنا فجوة بين الصخور فيها ماء بارد، فجلست الأعرابيتان تملآن قربتيهما

والأعرابيات في سيناء يلبسن ملابس ضافية، حواشيها مطرزة ملونة، وهي من نسيج أيديهن، ويلبسن براقع محلاة بقطع كثيرة من المعدن، ويحلين صدورهن بخرز كثير، فلا يبدو من المرأة إلا عيناها. وقد استأذنا المرأتين أن نصورهما، فقالت إحداهما ضاحكة: بالفلوس، قلنا: أجل.

ثم بلغنا الشيخ صالح بعد ساعتين: حجرة صغيرة مضلعة، عليها قبة ساذجة، وفيها قبر

<<  <  ج:
ص:  >  >>