للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يقول الأعراب إنه النبي صالح، وأكبر الظن أنه رجل من الصالحين اسمه صالح وللشيخ صالح موسم يأتي البدو إليه فيبيتون وينحرون ويذبحون ويلهون

وقد أمر الملك فؤاد رحمه الله بصنع كسوة لضريح النبي صالح وهي مودعة في دير سنت كترينا كما ذكرت قبلاً

لم نلبث كثيراً عند الشيخ صالح فرجعنا أدراجنا، وقد عرَّج سعد إلى اليسار فغاب قليلاً، ثم رجع وفي يده دجاجة. قلت: يا سعد، أصررت على الإتيان بدجاجتك؟ قال: ليست دجاجتي قلت: ولكنها واحدة، ولا تغني شيئاً. قال: ما وجدت غيرها قلت: فلم جئت بها؟ ثم سار سعد والدجاجة، حتى وقفنا وقفة فأفلتت منه. فقلت: لا يظفر بها. فما لبث أن جاء بها فوضعها في كيس خلف ظهره، فلم نسمع لها حساّ، حتى بلغنا الدير. قلت: يا سعد، لم يجد الطباخ دجاجاً، ونحن أكثر من عشرين فماذا نفعل بهذه الدجاجة؟ فوجم. . . قلت: ارجع بدجاجتك وخذ هذه القروش، ففرح وزدناه بعض الخبز

خرجنا من الدير صباح يوم الجمعة فألفينا صبية بأيديهم أشياء يقدمونها إلينا؛ ناولني سعد نباتاً قائلاً: هذه هنيدة. قلت: لم تزدني على الأمس شيئاً. وقدم إلى صالح عصاً من الورد البري كثيرة الشوك فأخذتها ذكرى، ثم زرعتها في حديقتي بعد أيام فأورقت. وقدم الصبية الآخرون أفماماً للسجاير من هذا الورد لا يحسن الإنسان إمساكها لكثرة شوكها

ثم أزَّت السيارات فسارت والساعة ثمان ونصف فرجعنا أدراجنا في الأودية التي ذكرتها آنفاً

ونزلنا في دير فاران الذي وصفته من قبل ثم استأنفنا المسير في وادي فاران. وبعد ساعة من دير فاران توقفنا قليلاً فأبصرت صبياً يرعى غنماً فقصدت قصده وقلت: ما اسمك يا ولد؟ قال: اسمي ولد - وكأنه لم يعجبه هذا الخطاب - قلت: اسمك محمد؟ قال: ربيع. قلت أتبيعنا خروفاً من غنمك؟ قال: لا. ثم سألته عن ضروب العشب، قلت: ما هذا؟ وأشرت إلى نبات ضعيف يشبه البصل. قال: بَرْوق، أقول: البروق معروف في كتب اللغة والأدب والنبات. وتقول العرب هو أشكر من بروق لأن البروق يعيش بأدنى ندى يقع على الأرض. وقالوا: أضعف من بروقة. قال جرير:

كأن سيوف التيم عيدان بروق ... إذا نضيت عنها لحرب جفونها

<<  <  ج:
ص:  >  >>