أول عهدي بالكتابة كان يقول لي: إني أخاف عليك أن تكون نسخة ممسوخة من الدكتور طه. وعاب علي الأستاذ الزيات يوماً أنني أفقد توازني أحياناً فيما أكتب للرسالة فأضمحل وأذوب ويتبلور من بقاياي بعد ذلك طيف من الدكتور طه يكتب هو ويقول ما يريد
والدكتور طه الذي غزاني هذا الغزو لا أدري كيف لم يشعر بي، وكيف لم يعطني من نفسه ولو عشر ما احتل من نفسي. . . كلما أقبلت عليه صدني، وكل ما قيل له عني فيه صدقه. . . وإلا فأي شئ كان يبغضه فيّ. . . لقد كان من أثر ذلك أني تابعته بالذي تعلمته منه. . . الصد بهجر، والنكران بخدش
وأين أنا من أستاذي الذي إذا كره أمراً حرض الناس عليه حتى إذا رآهم أجمعوا على كراهيته معه، عاد هو فكره أن يكون معهم في إجماعهم فراح يعلن حبه لهذا الأمر ويحرض للناس على حبه حتى يعودوا إلى حبه معه، فيعود هو فيكرهه ويحرضهم على كراهيته. . . وهكذا
٤ - من الفلاسفة
لطفي السيد باشا:
هذا الفيلسوف شرد عن نفسه بالفلسفة فلا هو يعرف أنه يعيش في مصر وإنما هو يحسب أنه يعيش في أثينا، ولا هو يعرف أن الزمن دار ودار حتى وصل التاريخ إلى القرن العشرين بعد الميلاد وإنما هو يحسب أن العصر لا يزال عصر سقراط وأرسطو
رشح نفسه يوماً لانتخاب الجمعية التشريعية وقال للناخبين إنه رجل ديمقراطي. فسمع بذلك منافسه الفلاح فقال للناخبين: وأنا رجل مسلم. فسأل الناخبون منافس الباشا: وهل الديمقراطي غير المسلم فقال لهم: الديمقراطي كالماسوني، مبادئه الإخاء والمساواة بين المسلمين والنصارى واليهود، والرجل والمرأة، والسيد والخادم والكبير والصغير، والعالم والجاهل، والقادر والعاجز، والسليم والأجرب. . . وغير ذلك وذلك أنه يمنح لكل إنسان أن يكون حراً في حدود القانون، فالذي لا يصلي حر، والذي لا يصوم حر، والذي يسكر حر، والذي يفعل ويفعل حر مادام القانون محفوظاً لم يمس. . . وقانوننا في الأصل فرنساوي
وزار لطفي السيد باشا دائرته الانتخابية، فسأله الناخبون: هل حقاً أنت ديمقراطي؟ فقال