للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنشر بحوث دينية أو علمية أن يفوتها فيما تنشر مغمز من قول أو فلتة من لسان ولا تعلق عليه كما هو شأن الصحف الراقية بعلمها الجمّ ومعرفتها القيمة، فهي غنية بمعرفتها عن اتخاذ أخصائيين لها في هذه الشئون

جاء في كلمة الأستاذ المدني حول الأزهر أن مدح أحد الشيوخ لقوله إن الشيطان إنما هو قوة الشر المنبثة في العالم وأخذ يدبج لهذا الشيخ الثناء، ويكيل له الإعجاب، وينتقد الذين انتقدوه في القول وحمل عليهم وقال كان من حق الأزهريين جميعاً أن يقابلوا هذا الرأي العجيب الذي يوافق الدين والعلم الحديث بالإعجاب إلى آخر ما قال من لون من القول كان الأولى بمن يكتب النزوع عن مثله في التحدث عن الفريقين

ومن الأسف أن الأستاذ المدني وصاحبه إن كان لا زال مصمماً على ما قال مخطئان كل الخطأ في الدين وفي العلم الحديث معاً. وما العلم الحديث ومسائل لا تعرف إلا عن الوحي؟

ذلك لأن الجن والشياطين والملائكة والجنة والنار حقائق إسلامية لا تعرف إلا من طريق الوحي، وليست مجالاً للرأي ولا للعلم الحديث في شئ، ولا هي ضارة بالعلم الحديث في شئ أيضاً، فهمها العرب الذين نزل القرآن الكريم بلسانهم مؤمنهم وكافرهم كما عناها القرآن وأرادها. وهذه أوليات مسلمة في الإسلام في قسم الغيب الذي يجب الإيمان به كما جاء وليس للبحث العلمي إليه من سبيل، ومنها الإيمان بالبعث والحشر والنشر وصورة ما تكون عليه تلك الشئون، ولا يطلب في ثبوت ذلك إلا صحة الدليل النقلي من كتاب أو سنة صحيحة. فالتحكك بخلق جدل وخلافات دينية في موضوعات دينية ليست موضع جدل، هو فضول من القول وشغل للقراء بغير ما يليق بالكاتب الأمين أن يشغلهم به

وأولى بمن يتكلم باسم الدين في الناس أني شغلهم بالنواحي العملية منه ويبعدهم عن الجدليات، لأن الدين نفسه ينهى عن الجدل والمنازعات كما ينهي عن المنكرات. وفي النواحي العملية الإسلامية ما يشغل ألف كاتب وكاتب أعماراً طويلة، لأن هداية الناس وجملهم على العمل بالدين في شئونهم اليومية والاجتماعية، وتحليهم بأخلاقه واحترامهم لمبادئه وآدابه، وخصوصاً بعد أن رأوا إله الحضارة الحديثة والمدنية الجافة قد سقط، وأنه آن الأوان لسلطان الإسلام الحق ومبادئه العادلة أن يسود وأن يقود العالم مرة أخرى مديدة إلى حياة السعادة والهناءة والأمن على النفوس، وأن ينقذهم من دبلوماسيات هذا العصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>