يقول زياد قف بصحبك مرة ... على الربع مالي والوقوف على الربع
صوت
أدرها على فقد الحبيب فربما ... شربت على نأى الأحبة والفجع
فما بلغتني الكأس إلا شربتها ... وإلا سقيت الأرض كأساً من الدمع
غنى في البيت الثاني والثالث من هذه الأبيات محمد بن العباس ابن عبد الله بن طاهر لحناً من خفيف الثقيل الأول بالبنصر. قال أبو الحسن: وقد قيل إن هذين البيتين (يعني خليلي هيا نصطبح بسواد) للأخطل. أخبرني علي بن سليمان قال حدثني أبي قال: قال لي جعفر بن معروف الكاتب (وكان قد جاوز مائة سنة) لقد شهدت إسحاق يوماً في مجلس أنس وهو يتغنى هذا الصوت (خليلي هيا نصطبح بسواد) وغلامه زياد جالس على مسورة يسقي وهو يومئذ غلام أمرد أصفر رقيق البدن حلو الوجه، ولا أحد يراجعه ولا أحد يستطيع يقول له زدني ولا انقصني. أخبرني علي بن صالح بن هيثم الأنباري. قال حدثني احمد بن الهيثم (يعني جد أبي رحمه الله) قال: كنت ذات يوم جالساً في منزلي (بسر من رأى) وعندي إخوان لي، وكان طريق إسحاق في مضيه إلى دار الخليفة ورجوعه منها علي. فجاءني الغلام يوماً وعندي أصدقاء لي فقال لي: إسحاق بن إبراهيم الموصلي في الباب فقلت له: قل له ويلك: يدخل أو في الخلق أحد يستأذن عليه لإسحاق. فذهب الغلام وبادرت أسعى في إثره حتى تلقيته فدخل وجلس منبسطاً آنساً فعرضنا عليه ما عندنا فأجاب إلى الشرب فأحضرناه نبيذاً مشمساً فشرب منه، ثم قال: أتحبون أن أغنيكم قلنا: أي والله أطال الله بقاءك إنا نحب ذلك قال: فلم لم تسألوني؟ قلنا: هبنك والله قال: فلا تفعلوا ثم دعا بعود فأحضرناه فاندفع فغنانا فشربنا وطربنا فلما فرغ قال: أحسنت أم لا؟ فقلنا: بلى والله جعلنا الله فداءك لقد أحسنت قال: فما منعكم أن تقولوا لي أحسنت قلنا الهيبة والله لك قال: فلا تفعلوا هذا فيما تستأنفون إن المغني يجب أن يقال له عن، ويجب أن يقال له إذا غنى أحسنت قال: ثم غنانا صوته (خليلي هيا نصطبح بسواد) قلنا له يا أبا محمد من هو زياد الذي غنيته قال: هو غلامي الواقف بالباب أدعوه يا غلمان، فأدخل إلينا، فإذا هو غلام خلاسي قيمته عشرون ديناراً أو نحوها فأمسكنا عنه فقال: أتسألونني عنه فأعرفكم إياه ويخرج كما دخل وقد سمعتم شعري فيه وغنائي. أشهدكم أنه حر لوجه الله وإني زوجته