وعينيه إلى النافذة أو إلى الباب، حتى إذا أمكنته الفرصة وثب فكان على باب أخته، فحيناً يكون الأمر بينهما تشكياً واعتذاراً، وحينًا يكون تهديداً وصخباً وضجة، وهمَّ بأخته مرة يحاول أن يضربها لتعطيه. . تعطيه من مال زوجها ما يعينه على ثمن الشراب وتكاليف الشباب، ثم يتركها لأحزانها ويمضي لهواه. . .
وضاقت به أخته كما ضاق به زوجها من قبل. . .!
وقالت له مرة وفي عينيها دموع: حسان، ليتني كنت أستطيع، ولكني لا أطيق أن أخون زوجي في ماله، وإني لأستطيع أن أعطيك ما تستعين به على العيش، ولكن لا أعطيك للشراب وللقمار!
وضحك الفتى ساخراً وقال: الشراب والقمار! تريدين أن ترَّبيني؟. . . إذن فأنت لا تمنعين المال عني للعجز والحاجة ولكنك تحاولين تأديبي. . .؟
وبرقت عيناه وأطلت منهما نفس شريرة، فتراجعت أخته مذعورة تطلب الحماية في متاع الدار، ووثب عليها فصرخت. . . ثم خرج راضياً. . .!
وطال حديث الناس عن السيدة المصونة، وقالوا ما قالوا، وتناولتها الرّيب والظنون؛ وبلغها ما يقال الناس فزادت هماً على هم. . .
وأوصتْ البواب أن يردَّه إذا رآه وأن يحول بينها وبينه، وكانت في حال من الغضب خيَّلت إليها أنها تستطيع أن تنسى أن لها أخاً. . .
. . وجاء الفتى إلى موعده، وكان زوجها في الدار. . .
كان المطر ينهمر، والريح العاصف تلطم الوجوه بقطرات المطر، وعجلات السيارات في سرعتها تقذف رشاش الماء إلى وجوه الناس وثيابهم. . . والفتى في موقفه لا يحس برد الليل، ينتظر غفلة ليصعد إلى أخته
وكفَّ المطر، وهدأت الريح، وانفتح الباب وخرج الطبيب لبعض عمله؛ فتسلل حسان إلى الدار. . .
ومضت لحظات قبل أن يسمع البواب من يناديه، فصعد؛ وقالت السيدة في غضب وثورة: ألم أطلب إليك. . . ألم آمرك أن تمنعه. . .؟