السلف الصالح مرة في وقت يجب أن ترتبط به الأمة الإسلامية في كل الأوقات. لما حصل هذا الفقه المحدد لكل حياة المسلمين في ثوبه الديني المقدس خطراً مهدداً يقف أمام كل إصلاح.
ولم يشعر أحد بهذا الخطر ولم يكن حاداً ظاهراً ما دام العالم الإسلامي على قمة الثقافة. كان هذا في العصور الوسطى، وكانت الحياة المسيحية إذ ذاك تشبه إلى حد ما، حيث كانت حياة المسيحيين تحت سلطان الكنيسة، وكانت هناك ثقافة ومدنية مسيحية كما كانت هناك ثقافة ومدنية إسلامية وكلاهما بالرغم من تخالفهما في العقيدة كانا متقاربين، ونشأ ومن ورائهما ثقافة وثنية. وبينما كان الدين في الغرب يرجع إلى الوراء وتضيق حدوده أثناء مرحلة التطور من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، وتحل محل المدنية المسيحية للعصور الوسطى مدنية وطنية - بقي الإسلام سائراً في طريقه القديم القائم على الدين - ومن هنا كانت الثغرة بين الشرق والغرب واسعة، وبقى للشرق وللغرب كل له لغته الخاصة إلى يومنا هذا.
وأخيراً نوقشت مسائل التاريخ، وفتح المسلمون أعينهم على وضع المدنية الإسلامية للقرون الوسطى إزاء المدنية الحديثة. فماذا كانت النتيجة؟
إن العالم الإسلامي يف الآن عند نقطة فاصلة، فهو في أزمة، فهل قطع الإسلام - الذي يظهر مرتبطاً بالعصور الوسطى - كل شوطه وأتم القيام بدوره؟ وهل هذا المرض الباقي إلى الآن من الإسلام نفسه؟ أو أن الإسلام كدين متفق مع الإصلاح الحديث؟ وهل يستطيع الإسلام أن يتخلص من تأخر العصور الوسطى التي ارتبطت به؟ وهل هو في نفسه صالح وقادر على التطور؟
على جواب هذه الأسئلة يتوقف كيان الإسلام كدين، بل حتى في الأمور السياسية والاقتصادية بالنسبة لمستقبل الشعوب الإسلامية.
ولقد كانت مسألة عدم استطاعة الإسلام لإصلاح حقيقي، وعدم صلاحيته للتقدم، عقيدة سائدة عند الغربيين منذ عشرات السنين، ولم تكن هذه العقيدة سائدة عند (أهل التبشير)، وفي أوساط المبشرين الذين لا يفهمون عن الإسلام إلا صورة ناقصة جداً وغير صحيحة، بل أن الأمر تعدى إلى بعض مؤرخي الأديان مثل رينان الذي كان يقول: إن الإسلام عدو