للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير كوكبنا وفي مجموعة شمسية غير مجموعتنا؟

ونحن في هذا تسوقنا فكرة الإشعاع إلى تصورات ينبغي التأمل فيها عندما نجيز لأنفسنا التحدث عن مثل هذه المخلوقات التي نعتقد أن وجدودها أقرب إلى الحقيقة منه إلى الخيال.

ذكرنا في مقالاتنا الأخيرة أن الكون زاخرٌ بمختَلَف الإشعاعات التي لا تراها عين الإنسان ولا تشعر بها حواسه، وأن الضوء والكهرباء نوع واحد من الإشعاع، وإننا لا نرى من الأشعة إلا شيئاً طفيفاً إزاء ما لا نراه. ذلك لأننا خلقنا بحيث لا نرى من الكون إلا يسيراً من مكوناته العديدة الممتدة بعيدة عن حواسنا.

ولو أن كائنا غير الإنسان تكونت عنده حاسة النظر بطريقة يرى الأشياء بطولها وبعرضها، ولكن لا يستطيع أن يدرك منها ارتفاعها (هذا النوع من الكائنات يجوز وجوده أو هو موجود فعلاً)، فإن صور الأشياء تختلف عند هذا الكائن عن صورها عندنا، فإذا أمتد نظره من عَلٍ إلى مركبة ترام رأي هذه المركبة مستطيلاً يسير بين خطين يمثلان حدَّي الطريق الذي تسير فيه، ورأى (الكمساري) والسائق دائرتين إحداهما مجاورة لأحد أضلاعه والثانية تتنقل على حافته طوراً تقترب من ضلعه الأعلى وتارة تقترب من ضلعه الأسفل، ويرى الجمهور دوائر كثيرة متواصلة في صفوف متوازية داخل هذا المستطيل المتنقل.

إن هذا الكائن المسكين لا يستطيع أن يرانا على حقيقتنا، فلا تطلبنَّ إليه، وهو لا يرى من مركبه الترام إلا هذا المستطيل المتنقل، أن يستوعب ما فيها من مادة الخشب أو يذهب في الفكر إلى أكثر منذ لك فيفهم ما يحمله الخشب من أجهزة الكهرباء أو يفهم خواص أو ماهية هذه الظاهرة

ثمة ثلاثة مراحل في التطور أمام هذا المخلوق:

الأولى: وهي التي وصل إليها فعلاً أن يرى الأشياء بمساقطها فيرى في المركبات هذه المستطيلات المتحركة.

الثانية: أن يدرك هذه المركبات بارتفاعها ويستوعب أيضاً مادتها.

الثالثة: وهي اصعب المراحل، أن يدرك أعجب ما في تركيبها فيفهم أننا نستخدم فيها ظاهرة عجيبة هي ظاهرة الكهرباء فيعلم بذلك أمراً خافياً عن تركيبها الظاهري، أمراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>