- وإيه مناسبة السلم والدرابزين! أجعل وقفته في جنينة وحط الورد حواليه، وارفع الستارة المحزنة من جنبه وانصب بدلها خميلة ياسمين أو تكعيبة عنب! بالاختصار مناظر مفرحة. . .
ثم مال على المصور، فأسر في أذنه كلاماً
فتهلل وجه المصور وقال:
- فهمت الطلب
ثم أسرع فأحضر ستائر حمراء ومناظر خضراء وأصص أزهار ورياحين وهو يقول:
- إن شاء الله يحاكي البدر في سماه!
فأردت أن أظهر عجبي لهذه المعجزة إذا صحت، فأسكتني وأوقفني بين المناظر الرائعة والخضرة الزاهرة. . . ودخل هو في شيء يشبه (البطانية) السوداء يغطي جهاز تصويره، ولبث فيه لحظة ثم خرج يصيح:
- واحد. . . اثنين. . . ثلاثة. . . مبروك!
فتركت موقفي وأقبلت على المصور أوصيه:
- الصورة تكون طبيعية. إياك تعمل (رتوش)!
فما شعرت إلا والمتولي شأني قد انتزعني انتزاعاً من بين يديه ودفعني بعيداً، وأقبل على المصور يقول له:
- إياك أن تسمع كلامه!
ثم التفت إليّ قائلاً:
- حد في الدنيا يقول للمصوراتي ما يعملش (رتوش)؟ خصوصاً لحضرتك!
فقلت:
- على كل حال لابد من كوني أطلع على (البروفة) قبل كل شيء.
فقال المصور: إن تجارب الصورة يمكن الاطلاع عليها في صباح اليوم التالي. فغادرناه على أن نعود إليه في الغد. ومضى النهار، وجاء الغد، فانسللت بمفردي إلى حانوت المصور أطلع خفية على تجارب الصورة. فعرضها عليّ، فتأملت وجهي فيها، فلحظت أن شاربيَّ غير متساويين في الطول، وأن شارباً أقصر من شارب، فتباحثنا في علاج ذلك،