فئة من طلابه على فئة ثانية، أو بالأحرى يعطف على طالباته أكثر مما يعطف على طلابه، بل ويتحيف حقوقهم أيضاً، إذ يلمس في الفتاة دماثة الخلق، ونعومة الحديث، وإشراق النفس ورقة الشعور كما يدرك فيها مزية الإذعان والامتثال والخضوع، فتنعم بالعطف والإيناس، وتتمتع بالرفاهة والدعة، فضلاً عن أن التنافس الذي يحصل بين هاتين الفئتين له من التأثير القوي على الفتاة ما يدفعها إلى الانكباب على الدرس حتى تفوز على زملائها وتحوز الدرجة الأولى دون تعميقها في الدراسات وتفقهها في المذاهب، وهذا ما يفقر تكوينها العقلي ويضعف تفكيرها ويفسد تصوراتها، لذلك يقول الأستاذ إن التنافس يجعل التعليم أقرب تناولاً وأدنى منالاً وأكثر سهولة ولكنه أقل عمقاً وأهمية
ويأخذ بعض علماء النفس على التعليم المختلط، في مرحلة التعليم الثانوي، أنه مباءة للفساد، إذ أنه يثير الغريزة الجنسية، فتعصف بالنفس، وتحرك العواطف فتنفعل الأحاسيس، ويفقر الخصائص فتضعف الشخصية؛ وهذا ما يكون خطراً مباشراً على الأخلاق والآداب؛ وقد تكون الفتاة أقرب إلى هذه المؤثرات من زميلها الفتى وأدنى منه إليها
ويرد البعض الآخر على هذه المآخذ المتنوعة بأن الطبيعة الإنسانية تستدعي هذا الاختلاط، وتتطلب هذه النظام لما لها من الأثر القوي في حياة الناشئة، فتوجه العواطف توجيهاً سليماً، وتوحد العلاقات على أساس الثقة المتبادلة، وتمهد السبيل إلى رفعة الأخلاق وتقرب من الزواج. . .
والفتاة نفسها ترغب في هذا الاختلاط إلى حد بعيد، وتتوق نفسها إليه، وتندفع وراءه، فالفتاة كالفتى، يعتلج في أطواء نفسها الحب العنيف، وتتأجج في صدرها الأهواء، ويتفتح قلبها إلى الصداقة، وما عساها بهذه النوازع؟. . . إن حبها لشديد، وغن عواطفها لعنيفة، وإن خيالها لواسع، وإنها لتفتش عن أميرها المنتظر، عن فتاها، قبلة أنظارها ومحط آمالها ورجاء مستقبلها، والتي تأمل أن تكون له زوجة في المستقبل لتنعم بجانبه وتطيب نفسها به، ولكن أين تبحث عنه، وفي أية بيئة تجده، وفي أي وسط تحظى به؟. . .
إنها قد تجد فتاها الجميل، الذكي الفؤاد، الدمث الأخلاق، الكريم الشمائل، في البيئة التي تختلف إليها، وما هي إلا بيئة المعاهد المختلطة التي تدينها من غايتها وتحقق أحلامها وآمالها