سيواصلون الكفاح. وسيلحق بهم في هجرتهم عد كبير من الفرنسيين الذين لن يطيقوا أن يعيشوا تحت شروط الألمان والذين لن يطيقوا أن يتركوا بلادهم وسيادتها تحت رحمة النازيين. فقد ظلت فرنسا عدة قرون وهي دولة من المرتبة الأولى، ولها صوتها المسموع، ولها إرادتها المحترمة، فهل يقبل شعبها أن يصبح من المرتبة الثالثة، بينما حليفتهم تقاتل في الميدان؟ إن العصبة الفرنسية تقول محال، أو كما قال الجنرال ديجول (إن شعلة المقاومة الفرنسية لن تنطفئ. لن تنطفئ)
مناورة بارعة
ولقد كان اقتراح بريطانيا اتحاد الجمهورية الفرنسية بالإمبراطورية البريطانية مناورة سياسية وعسكرية بارعة، فهي تعطي لفرنسا مضماراً جديداً لاستئناف نشاطها، وتدل على حسن النية والتضامن في السراء والضراء مما يجلب عطف العالم على قضية الحلفاء، ويدل دلالة مادية أن الطمع ليس العامل الحقيقي في هذا القتال، بل هو سعادة العالم. وإلا فما الذي يدفع بريطانيا بإمبراطوريتها العظيمة، لأن تقدم مواردها لإصلاح أضرار فرنسا ولأن تشاركها في مصابها الحالي؟
ولو تم هذا الاتحاد، لكان له أثر عظيم في سياسة العالم المقبلة، ولكان فتحاً جديداً لتكوين اتحاد أوربي عام، يعمل على إقرار السلام، فتزول الأحقاد، وتحد المطامع، ويشعر العالم برباط المصلحة المتبادلة
هتلر بين نارين
وكان هذا التصريح بارعاً كما قلنا وضع ألمانيا بين نارين، فإذا هي غالت في طلبتها من فرنسا فضت فرنسا للصلح واتحدت مع إنجلترا واستمر القتال إن لم يكن في فرنسا ففي المستعمرات، ولمستعمرات فرنسا شأن كبير في معركة البحر الأبيض، ففي تونس والجزائر ومراكش موان وقوات فرنسية لها قيمتها في الجزء الغربي للبحر
ومن الناحية الثانية يفيد عدم غلو ألمانيا في طلباتها، فإذا احتفظت فرنسا بقواتها البحرية والجوية، ولم تضم إلى الدكتاتورية ولزمت الحياد تضمن إنجلترا سيادتها البحرية على القوات الإيطالية، كما تضمن أن تظل القواعد الفرنسية في غرب البحر الأبيض في أيد