والمهمُّ عندي أن يعرف المصريون خيرات بلادهم، وأن يذكروا أن الحمير كانت ولا تزال من أطايب الثروة المصرية، وإليها يرجع الفضل في خدمة الفلاّح الذي يذرفون من أجله دموع التماسيح!
وقد ورد التنويه بالحمار المصري في كتاب الأغاني، وهو أصبر من الحمار الحَسَاوي، المنسوب إلى الحَسَا من بلاد البحرين، وهذه فائدة قد يذكرها بعض من يحفظون الجميل
ولا مؤاخذة يا أرباب الذوق المصقول من أعداء الحيوان!
معركة في غير ميدان
دهش الناس للمعركة الحامية التي ثارت فوق صفحات (الأهرام) بين الصديقين أحمد الصاوي وتوفيق الحكيم حول الفكر والحرب، وقد وقعت في تلك المعركة ألفاظ غلاظ لا يصوِّبها صديق إلى صديق
وخلاصة رأي الصاوي أن زمن الشِّعر قد ولّى وفات ولم تبق إلا دولة الطيارات والدبابات
ويقول الحكيم إن الأمم القوية من الوجهة الحربية هي الأمم القوية من الوجهة الفكرية
والرأيان يلتقيان بكل رفق، فما الموجب للتراشق بالألفاظ الغلاظ؟
وقد فصل الأستاذ سعد اللبان في هذه القضية حين قال: أولئك قوم يتجادلون في البديهيات!
ولعل الأستاذ توفيق الحكيم يعترف اليوم أنى هديته إلى أصل الفكرة حين حاورته في جريدة الأهرام، فقد كان يتوهم أن الفكر منفصل عن الحرب كل الانفصال
لعله يذكر أني قلت وأنا أحاوره:
(إن الحرب الدموية ترجِّ الأذهان والعقول، ولكنها في الأصل من صنيع الأذهان والعقول. والعالم غير مُقْبل على الخراب - كما نقول حين نقرأ أخبار الحرب - وإنما هو مُقْبلٌ على يقظة روحية وعقلية واقتصادية سيعرف مَداها من يشهد تطوّر الوجود في المستقبل القريب، وهو مستقبل نشهد تباشيره منذ اليوم برغم ما نعاني من الضجر والاكتئاب كلما طالعنا أخبار التدمير والتخريب في الصُّبح والظُّهر والمساء
الإنسانية اليوم في حومة هائلة من يقظة الفكر والرأي، فليس القتال نزاعاً بين جنود وجنود، وإنما هو صراع بين آراء وآراء، كما كان في العصور الخوالي نزاعاً بين دِين ودِين، وما تغيرت المعاني وإن تغيرت الأشكال)