للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان الأثر ضعيفاً، ما لم تمر مدة كافية بين حدوث الأثر وبين إحضاره

وإني أقص على القارئ حادثة وقعت لي شخصياً مع الكلب (هول)؛ فقد أردت بتجربة بسيطة أن أتعَرَّف مدى قدرته على معرفة صاحب الأثر، فأخرجت (البيبة) التي أُدخن عادة بها، ولمست بها الحائط بعيداً عن الكلب وبحضور جمهور كبير من الناس، بحيث لم يشاهدني عند لمس الحائط بطرف هذه (البيبة)، بعد ذلك، ودون أن يراني، أعطيت (البيبة) إلى أحد الأشخاص العديدين الذين حضروا هذه التجربة، ولم يخفها في جيبه، بعد ذلك وجه (الصول) المكلف بتدريب الكلب هذا الحيوان نحو الأثر، وتركه يشم الموضع من الحائط الذي لمسته (البيبة)، ولم يمض بضع دقائق حتى سعى الكلب إليَّ يتعرّفني رغم الازدحام، ولم يَسْعَ إلى صاحبنا حامل (البيبة)، ذلك أن في هذه (البيبة) آثاري لا آثار من حملها أخيراً في جيبه، وذلك أن في (البيبة) شيئاً مني يشعر به الكلب، ولا تستطيع حواسنا الضعيفة أن يكون لها هذه القدرة من الشعور

الثاني: كلنا سمعنا بالحمام الزاجل، إننا نستطيع أن نأخذ واحداً من هذا الطير العجيب من قفص مقفل، لا يرى منه ما هو حوله، ونسافر به من مكمنه الأصلي إلى بلدة بعيدة عن البرج الذي تعَوَّده، ويصح أن تبتعد هذه البلدة بضع عشرات الكيلو مترات عن برجه الأصلي؛ ومع ذلك لو أننا تركنا ذلك الطائر حرَّا بعد ذلك السجن وذلك الابتعاد لعاد أدراجه إلى حيث موطنه الأصلي؛ ويمكن أن نستدل من الحساب على أنه يعود في وقت يتفق مع السرعة المعروفة عن طيرانه، وبعبارة أوضح يعود الطائر إلى مكانه الأول، دون إجراء بحث جدَّي عن هذا المكان، أو إضاعة وقت في سبيل العثور عليه غير الوقت اللازم للقيام بهذه الرحلة الطويلة

ترى ما هي تلك الصلة الموجودة بين الطائر وبين المكان الذي اعتاد أن يعيش فيه؟ ترى هل هذه المقدرة على العودة ترجع إلى تركيب خاص في حواسه، أو إلى أسباب طبيعية أو كهربائية تربطه بهذا المكان بالذات، ولا نزال نجهلها؟. كل هذا حدس وتخمين، وليس المجال هنا لندخل في تفصيلات هذه المسألة، وليس المجال لنردد للقارئ بعض الآراء التي استعرضها لنا مسيو (بيلان مخترع البيلانوجرام، أو جهاز نقل الصور باللاسلكي، عند زيارته معي لأحد أبراج هذا الحمام في ضَيْعَة قضينا فيها يوماً من أيام مارس سنة ١٩٣٨

<<  <  ج:
ص:  >  >>