فماذا يوم كنا نصنعه، أو يوم كان سلاحنا الذي نصل إليه كفيلاً بالنصر على أعدائنا وعلى العزل المستضعفين من جيراننا؟
كنا نتغنى بالسيف كما تتغنَّ أمة قط بسلاح، وكنا نعيب (رذيلة) السلم كما يعيبون اليوم رذيلة الكفاح
ولعل الأموال التي بذلت في الخير بين الغربيين لا تقل عن الأموال التي بذلت فيه بين الشرقيين. ولعل جهودهم فيه لا تقل عن جهودنا، وثمرات أعمالهم فيه لا تقل عن ثمرات أعمالنا، وعلامات البر في عصرنا الحديث لا تقل عن علاماته في سائر العصور
فالإنسان إنسان حيث كان
ذلك أصدق ميزان للخلائق الإنسانية في كل أمة وفي كل أوان
وأحرى بنا فيما نعتقد أن ننجو بعقولنا من أحلام الأوربيين التي أفرغوها علينا لا من أحلامنا نحن فليست لنا بحمد الله أحلام من القوة بحيث تتقاضانا النجاة منها
إن أناساً من هؤلاء الأوربيين أفزعتهم بلادهم في القرن الثاني عشر وما بعده فحلموا بالشرق كما يحلم آكل الأفيون بما يراه في غيبوبة الخدر والجمود، وتحلوه صفات ليست فمنه وليس منها فأعجب الشرقيون بما كتبوه
أو أن أولئك الكتاب الأوربيين قد تخيلوا أبطالهم من الشرقيين كما نتخيل الأبطال الذي ننحلهم في الروايات شمائل نتمنى أن نراها في عالم الحس فيعيينا طِلابها
أما الواقع فلا
الواقع أننا نحن الشرقيين لسنا عاطفيين ولسنا مأخوذين بالروح ولا مفتقرين إلى من يسوق لنا المواعظ بالإقبال على المادة والانصراف كما يقولون عن الخيال. ونحن أفرح من طفل بالدرهم وأعجز من طفل عن كسبه في سوق الابتكار
أنحن أهل خيال؟
سمع الله منكم أيها القوم!
لقد عشنا عصرنا الحديث نضرب المثل (بالجرسون) الرومي في الحرص على المليمات، ولو رأينا معاهده في بلاده وفي بلادنا لعرفنا مَن صاحب الحرص ومن صاحب الأريحية وإن اختلفت العوارض والأشكال