العلوم التي ليس لها علاقة بالمادة أو علوم ما وراء الطبيعة، والعلوم التي لها علاقة بالمادة وهي الطبيعيات
والعلوم الوسط وهي التي لها علاقة تارة بعلوم ما وراء الطبيعة وطوراً بالمادة وهي الرياضيات، وفي بعض المواضع نراه قد جعل الرياضيات نوعاً من الفلسفة ونسب إليها بعض أشياء تبحث في غير المادة، وقد اتبع الطريقة اليونانية في بحوثه عن العدد، وقد كان فكر ابن سيناء يمثل المثل الأعلى للفلسفة في القرون الوسطى وله فيها آراء ونظريات لا تزال تدرس في جامعات أوروبا. وهو وإن اعتمد كثيراً على فلسفة أرسطو واستقى كثيراً منها، قد أضاف إليها كثيراً وأخرجها بنطاق أوسع ونظام أتم. وهو من الذين قالوا بإنكار تحول المعادن بعضها إلى بعض مخالفاً بذلك آراء أكثر علماء زمانه، وفي رأيه أن المعادن لا تختلف باختلاف الأصباغ بل تتغير في صورتها فقط، وكل معدن يبقى حافظاً لصفاته الأصلية وقد قال في ذلك (نسلم بإمكان صبغ النحاس بصبغ الفضة، والفضة بصبغ الذهب إلا أن هذه الأمور المحسوسة يشبه ألا تكون هي الفصول (أي الخواص) التي تصير بها هذه الأجساد أنواعا، بل هي أعراض ولوازم والفصول مجهولة: وإذا كان الشيء مجهولاً فكيف يمكن أن يقصد تصد إيجاد أو إخفاء)
واستنبط ابن سينا آلة تشبه آلة الورنية أل وهي آلة تستعمل لقياس طول أصغر من اصغر أقسام المسطرة المقسمة ولقياس الاطوال بدقة كبيرة، ودرس دراسة عميقة بحوث الحركة والإيصال والقوة والفراغ، واللانهاية والحرارة والضوء، وقال بأن سرعة النور محدودة، وعمل عدة تجارب في إيجاد الوزن النوعي لمعادن كثيرة وقال بان شعاع النور يأتي من الجسم المرء إلى العين وفي كتابه الشفاء بحث في الموسيقى وقد أجاد فيه لدرجة كبيرة، وقد فاقت أبحاثه فيها أبحاث الفارابي وشرح طريقة إسقاط التسعات وتوسع فيها، ألف في المعادن ومؤلفه كان النبع الذي استقى منه علماء طبقات الارض في القرن الثالث عشر للميلاد. ويقال ان ابن سينا خرج مرة في صحبة علاء الدولة وقد ذكر له الخلل الحاصل في التقاويم المعمولة بحسب الأرصاد القديمة، فأمر الأمير الشيخ بالاشتغال بالرصد وطلق له من الأموال ما يحتاج إليه وهذا (طبعاً) ساعده على التعمق في علم الهيئة، وفي كشف بعض حقائق هذا الكون وفي إتقان الرصد (ووضع في حال الرصد