وما هذه الذي يدَّعيه الدكتور طه حين يقول بأن الكتابة في تقوية الروح الوطني من الأدب الرخيص؟ ومن الذي أوحى إليه هذه الحكمة (الغالية)؟ وعمن أخذ القول بأن الحديث في تقوية الروح الوطني هو المقصود بالحديث المعاد الذي نهى عنه الحكماء؟
لقد دافَعَ توفيق الحكيم عن هذه القضية، ولكن توفيق الحكيم رجلٌ قصيرٌ ونحيل ولا يَقدر أبداً على صدْ غارات طه حسين
للدكتور طه أن ينسحب من الميدان بحجة أنه مشغول بشواغل أدبية تصرفه عن الحرب وأخبار الحرب وما يجب على مصر أيام الحرب. ولو قال ذلك لكان له عذرٌ مقبول، فالدولة تُطالب كل رجل بالتفرغ لما يصلُح له من الأعمال، والأديب الذي يُشغل بالأدب الصَّرف أيام الحرب هو أيضاً من المجاهدين، لأن الجهاد في سبيل الوطن له ميادين مختلفات، منها ميدان الأدب الصرف الذي يُنسى صاحبه أنه يعيش في غَمَرات الحرب. وقد اتفق للدكتور طه في أحيان كثيرة أن يتناسى المكاره القومية ليتفرغ لعلمه الأدبي بالجامعة المصرية، فما لامَهُ على ذلك لائم، ولا اتّهمه أحد بالجبن عن الاستجابة لنداء الواجب الوطني، لأن الوطن يعرف أن المتفرِّغ للأدب الصِّرف هو أيضاً جنديٌ في الميدان، وإن لم يحمل السلاح ويتقدم للقتال
ولكن الدكتور طه يأبى إلا أن يقع في خطيئتين: خطيئة الدعوة إلى السكوت عن درس المشكلات القومية إلى أن تنتهي الحرب، وخطيئة السخرية من الكتابة في تقوية الروح الوطني بحجة أنها من الأدب الرخيص!
ألاَ يَفتح الله عليك مرةً واحدة يا دكتور طه فتكتب مقالاً واحداً يَسلَم من إثم المغالطة والتلبيس؟
بقيت حكاية توفيق الحكيم، الكاتب الذي يجمع بين الظَّرف والضَّعف، وأنا أقترح أن يُمحَى اسم هذا الكاتب من سِجِلْ الوطنية المصرية
هذا كاتبٌ خفيف الروح في بعض نواحيه، ولكن روحه يَثقُل جدَّا حين يتحامل على القومية المصرية، وحين يتوهم أنه من المصلحين، ومن خلفاء قاسم أمين!
وما ظنّكم بكاتب يزعم أن الفكر لا يساوره في مصر، وإنما يساوره حين ينتقل إلى