ظهور نبي في بلاد العرب. ثم أخبروا الرسول بما في المدينة من تنازع وشحناء، ورجوا أن يصلح الله أمر يثرب على يديه، ولما عادوا إلى قومهم ذكروا لهم حديث الرسول والإسلام، فلم تبق دار في يثرب إلا وفيها حديث عن الرسول وعن الإسلام
وفي موسم الحج الذي قبل الهجرة بايع النبي قوم آخرون من أهل يثرب وتسمى بيعة العقبة الثانية أو بيعة النساء، وأرسل النبي معهم مصعب بن عمير يعلمهم الدين. فأسلم على يديه كثير من أشراف يثرب منهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، ودعا سعد عشيرته إلى الإسلام أو يقاطعهم فأسلموا جميعاً
وفي عام الهجرة جاءه من يثرب ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان وبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وأقسم سيدهم البراء بن معرور فقال: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا. ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال: إن بيننا وبين الرجال (يعني يهود المدينة) حبالاً وإنا قاطعوها. وأعرب عن خوفه منهم إذا تركهم لليهود بعد أن يظهره الله على أعدائه، ففهم النبي الكريم مراده، وتبسم وقال: بل الدم الدم، والهدم الهدم. يعني أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم
علمت قريش بما كان فأرسلت وفداً منها إلى منازل الحجاج من أهل يثرب، وأخبروهم بما حدث، وقالوا إنكم جئتم إلى صاحبنا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم. فحلف نفر من مشركي يثرب أنه لم يكن شيء من هذا، وكانوا صادقين لأنهم لم يعلموا بما كان في الليلة السابقة. وقال لهم عبد الله بن أبي بن سلول، وهو رأس النفاق فيما بعد: إن هذا الأمر جسيم، ما كان قومي ليتفوتوا عليّ بمثل هذا، وما علمته. فانصرفوا عنه وأخيراً تأكد لدى قريش ما كان من بيعة العقبة الثالثة، ولكن بعد أن نفر الناس من منىً وفاتهم أهل يثرب
كان إسلام أهل المدينة نصراً للإسلام والمسلمين، وكان فرصة طيبة لأصحاب النبي في مكة، فقد وجدوا مهاجراً جديداً يفرون إليه بدينهم ويقيمون بمنأى من أذى قريش في حماية إخوان لهم في الدين، وجعل الله المدينة دار أمن لهم يلجئون إليها؛ فخرجوا مهاجرين إرسالاً، نساء ورجالاً، إلا من حيل بينه وبين الهجرة من المستضعفين
خافت قريش تلك الحركة ورأوا فيها خطراً يتهددهم، وصمموا على أن يحولوا بين النبي