يرى الأستاذ برتلو أن وضوح كتاب السوما وأسلوبه وتنظيم أبوابه وقوة نظرياته ومنهجه الخاص تكفل لهذا السفر الخروج عن دائرة التأليف الإسلامية، والدخول في دائرة التأليف اللاتينية، ولكن لم لا يكون جابر هو الذي كتب هذا المؤلف، بالعربية طبعاً، في أخريات حياته، بعد أن اكتمل له حظ كبير من المعونة العلمية ومن الآراء والنظريات السابقة له؟ ولكن هبني سلمت بأن جابراً لا يعرف التنظيم في مؤلفاته، وهذا بعيد جداً، فلم لا يكون هذا التنظيم وذلك الأسلوب اللذان ركز عليهما برتلو نقده الطويل، من عمل المترجم؟ وكل ما هنالك أن هذا السفر الكيميائي كان حظه أوفر من حظ غيره من الكتب، إذ وهب مترجماً ميالاً للأدب، ضليعاً في لغته، فاهماً تمام الفهم ما هو في سبيل ترجمته. وأؤكد أن هذه الأمور لو توافرت في أي مترجم لخرجت الترجمة وهي تضارع الأصل في وضوح الفكرة وجمال العرض
فالأساس الذي يعتمد عليه برتلو في نقده كتب جابر بن حيان أساس خاطئ، حظ الشك فيه راجح على حظ اليقين. ونحن نكتفي بان نسأل سؤالين:
أليس من اليقين القاطع أن أعمال جابر العربية التي في متناول أيدينا تدل على نبوغ وعبقرية؟؟ ولم لا تكون هذه الكتب اللاتينية الأربعة التي سبق أن أشرنا إليها في بدء المقال، قد ترجمت عن أعمال أخرى لجابر بن حيان؟
أما السؤال الأول فإن برتلو يسلم بأن الكتب العربية لجابر ابن حيان تدل على نبوغ وعبقرية
ولقد لاحظ الأستاذ رسكا خليفة برتلو في الاهتمام بمشكلة جابر بن حيان، أن عملين من المؤلفات التي نشرها برتلو إنما تدل على سمو وامتياز، وعلى عقلية نامية نابغة
أما السؤال الثاني: فإن إجابة برتلو عليه كما سبق أن بينا، لا تلزم الباحث بضرورة الاقتناع برأيه
وعلى ذلك فإن القول بأن هناك أسباباً وجيهة جعلت كيمائياً لاتينياً ينسب أعماله لجابر ين حيان لشهرته التي لم تأت فقط عن طريق التراجم العرضية كمذكراته ورسائله، إنما كذلك عن طريق التراجم اللاتينية لبعض المؤلفات العربية لجابر بن حيان الدالة على نبوغ