كان غرامي نزوة من نزوات الطيش، وقد عقلت، والحمد لله على نعمة العقل!
أمثلُكِ يُزارُ بوحيٍ من القلب، وأنتِ رسمٌ من الرسوم الهوامد، وقد انتهى عهد البكاء على الرسوم والطلول؟
ما أبكي عليك، يا شقية، وإنما أبكي على النعيم الذي ذهب منذ اليوم الذي انزاحت فيه الغشاوة عن قلبي
كنت توهمت أني عشقت، وكانت الدنيا لا تسعني كلما خطر في البال أني أملك قلب امرأة لها في دولة الحسن تاريخ
ثم انجابت ظلمات الغواية فرأيتك مخلوقة من خزف، مخلوقة غبية بليدة حرمتها الأقدار نعمة القهم لسرائر الأرواح والقلوب.
خرجتُ من هواكِ كما دخلتُ، فما أمدَّني هواكِ بقصيدة رشيقة ولا مقال بليغ. والأديب لا يعشق ليقال إنه عشق، وإنما يعشق الأديب ليطلع على الآفاق المجهولة من ضمائر الوجود. وأنت أنت، أنت الأنثى الغبية البليدة التي لا ينتفع الأديب من صحبتها بشيء، إلا أن يصير اسمه إعلاناً عن جمالها المظنون، وأنت والله جميلة، ولكن جمالك لا يزيد عن جمال التماثيل!
إنما أبكي على نفسي، فقد كنت احسبني أهلاً لغرام أقوى وأعنف من الغرام الذي عانيت، ثم عرفت مع الأسف الموجع أنني شغلت قلبي بإنسانة ضعيفة لا تقدر على نقل القلب من مكان إلى مكان. فمتى تزحزح من مكانك يا قلبي؟ ومتى تعرف أن الهدى ليس أكرم عنصراً من الضلال؟
لا تكتبي إليّ بعد اليوم، يا شقية، فقلبك أصغر من قلبي، ولم تكوني إلا طفلة نضجت قبل الأوان فتوهمتْ أنها قادرة على مساورة الرجال)
تلك فقرات من ذلك الخطاب الضائع، الخطاب الذي وجدته في شارع فؤاد.
فهل رأيتم أسخف من كاتب هذا الخطاب؟
الدنيا في حرب وشقاء وبلاء، فكيف يجوز أن يكون فيها من يعشق ويلتاع؟
وفي قهوة بالميرا بمصر الجديدة صادفت الدكتور مشرَّفة بك عميد كلية العلوم فعرضت عليه هذا الخطاب على أنه نموذج من السفاهه والحُمق فابتسم، وقال: العواطف من القُوى