الأساسية في حياة الإنسان، ولا بُدَّ لتلك القوى من غذاء. واستطرد فحدثني أنه طرب حين رجع إلى معاهد الطفولة بدمياط، يوم كان يتقرب إلى الله بتقبيل ضريح الشيخ مظلوم!
العواطف تحتاج إلى غذاء كما تحتاج العقول؟
هذه فلسفة لم أسمع بها من قبل
فإن صحت هذه الفلسفة فهي سِنادٌ لكاتب الخطاب الضائع، الخطاب الذي وجدته في شارع فؤاد
الدنيا في حرب، فلا تصدَّقوا الدكتور مشرَّفة، وإن كان عميد كلية العلوم، واقضوا أوقاتكم كلها في متابعة أخبار الحرب بين الإنجليز والألمان، فأخبار الحرب هي زاد العواطف والعقول في هذه الأيام العِجاف!
ثمرة شهية من ثمار المطابع
اليوم عرفت أن الأستاذ محمود بك تيمور وأخاه المرحوم محمد بك تيمور ورثا فنّ القَصَص عن أبيهما العظيم أحمد باشا تيمور.
أقول هذا وقد فرغت من قراءة كتاب نفيس اسمه (أعيان القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر) تحدث فيه تيمور باشا عن جماعة من الشعراء والعلماء والأعيان بأسلوب هو القَصَص الحق، أو هو أحسنُ القَصَص، إذا صح الاستئناس بعبارة القرآن المجيد.
كتابٌ كله أقاصيص، ولكنه حقائق، وله جاذبية تجعله فوق القَصَص المعطَّر بأنفاس الخيال.
في هذا الكتاب أربعة وعشرون ترجمة لبستْ جميعاً ثوب الصدق في حدود ما وصل إلى المؤلف من أخبار مَن ترجم لهم. ومن المؤكد أن هذا الكتاب يسدّ فراغاً في تصوير بعض معالم العهد الذي عاش فيه المؤلف، ففيه أخبار سياسية وأدبية واجتماعية لم يتحدث عنها أحد من قبل هذه الدقة وبهذا التفصيل.
ونحن نأسف على أن لم يُكتَب لتيمور باشا أن يقف جهوده على هذا اللون من التاريخ، فلو أن الله كان وفقه إلى ذلك لأتى بالأعاجيب في تسجيل الحوادث وترجمة الرجال.
وقد التزم تيمور باشا في هذا الكتاب التواريخ الهجرية أو كاد، والتزم العبارات القديمة في وصف بعض الأشياء، فالعِزبة هي الضَّيعة، والجنيه هو الدنيار، ودخول الإنجليز مدينة القاهرة كان يوم الخميس مستهلّ ذي القِعدة سنة ١٢٩٩. وتلك من لوازم تيمور باشا الذي