الفلسفي بالذات هو مذهب مشهور وصاحبه الفيلسوف الألماني (كانت الذي قيد الوصول إلى اليقين بنظرية (النسبية أو (المقيسة) القائمة على تحديد إدراك العالم الخارجي، وهو ينفي أن تستطيع الحواس إدراك العالم الخارجي، وهو ينفي أن تستطيع الحواس إدراك الأمور المطلقة أو الحقائق في ذاتها، فالمعرفة في نظر (كانت نسبية وظاهرة، قوامها الفهم أو البديهة، وأدواتها الحواس؛ فالفكر يُلبس المعرفة شكلها دون المادة، وأما المادة نفسها فهي فوق إدراكنا وإن كانت موجودة حقاً.
وهذا ما فسره الأستاذ العقاد بالذات في مقدمته بقوله: (لأن الحي لا يعرف الدنيا إلا بالظواهر التي تقع عليها الحواس وتدركها البديهة)!
وأما ما وراء ذلك من طلب المعرفة - وطريقة الكفر المجرد الخالص من فعل الحواس - فيلقي بالمرء في قمة لا متسع فيها لعمل الفكر، خارجة عن الحياة (لا الشمس هنالك دوَّارة، ولا الأرض ناقصة زائدة) فإذا المرء: (ربٌ بلا قدرة، وحيّ له جثة هامدة)
وخير للمرء أن ينزل إلى الغور، أي إلى الأخذ بظواهر الدنيا ليستطيع أن يلمسها ويدركها، فيحيا على قدر ما ركب فيه من إدراك وفهم.
هذا ما أراد قوله أستاذنا الكبير العقاد، وهو من أحسن الشعر وأجوده وأبعده معنى.
وبين هذا المذهب وما نزع إليه في بعض مسرحياته (هنريك إبسن) زعيم المسرحية الحديثة وشائج قربى ونسب، ومن درس (إبسن) يعرف (قممه المثلوجة) أو قممه الباردة.
ولا لوم ولا تثريب على أستاذنا العقاد أن يورد قصيدة من شعره تحمل في طياتها نزعات فلسفيه لمدرسة معروفة. فليس كل شاعر أو أديب مهما نبه ذكره وعلا شأنه بصاحب مدرسة في الفلسفة والأدب الذي تجفوه لمسات المذاهب الفلسفية الرفيعة هزيل في كيانه قريب في معانيه. وإنه لأمر مقبول - بل وواجب - أن يعتنق الكاتب والفنان مذهباً من المذاهب الفلسفية الرفيعة؛ وهذه هي حالة كبار الأدباء في أوربا، فالكاتب ويلز من الآخذين بفلسفة النشوء والارتقاء كما بيِّن ذلك الأستاذ (على أدهم) في عدد قريب من أعداد (الثقافة)؛ و (بيراندللو) متأثر بأعمال (فرويد) وكذلك (ليوتورمان) و (أندريه جيد)
ولنر الآن ماذا أراد أن يقرره بشر فارس في مسرحية:(مفرق الطريق)
تقوم هذه المسرحية على معالجة حالة نفسية غامضة، أو على تعقيد نفس كما يقول علماء